الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

هسا .. وقروشي والمحفظة .. خطوة نحو التعافي الإقتصادي4 د. أمين حسن عمر وردتني سؤالات وملاحظات حول ما سبق من مقالات حول إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار غالبها يسأل عن فوائدها للاقتصاد بصورة عامة وعن أثرها على الفقراء على وجه الخصوص. وقد كان الحافز الرئيس لكتابة هذه المقالات والمغزى الاساس للاهتمام بشأن هذه التقنية الجديدة هو أن التجربة دلت على أثرها الفاعل في إدخال طوائف واسعة من محدودي الدخل والفقراء إلى دائرة التعامل مع المصارف . ومن ثم الانتفاع من خدمات التمويل التي تقدمها المصارف والتي اقتصرت الى حد بعيد قبل إستخدام هذا التطبيق المتصل بمناقلة الأموال عبر الهاتف السيار على تمويل الأغنياء والمقتدرين. وقد ختمت المقال الثالث بعدد من الأسئلة والأجابة عليها هى مادة هذا المقال الأخير في هذه السلسلة . والسؤال الأول هو كيف يمكن للفقراء ان يحصلوا على منافع من المصارف اذا كانت غير منتشرة في أريافهم وبواديهم وأحيائهم القصية . وتكمن الأجابة في كون التقنية الجديدة تستخدم ما يعرف بالمحفظة الإلكترونية والتي يدخر فيها المتعامل ما يستطيع إدخاره بارساله عبر أرسال رصيد إلى هذه المحفظة ثم هو ينفق منها من بعد على دفعياته . وذلك مثل ارسال رصيد لشخص مال أو دفع فاتورة أو شراء إحتياجات من متجر أو دفع أقساط لمدرسة أو لشركة تأمين أو دفع أتعاب لعيادة أو سائق أجرة. وفي بلد مثل كينيا حيث أنتشرت هذه الخدمة أصبح بامكان الشخص البقاء لمدة شهر كامل دون استخدام النقود أو الشيكات المصرفية إعتماداً على أنجاز كل دفعياته من خلال المحفظة الإليكترونية . ثم أن هذه المحفظة الإلكترونية يمكن ان تكون الأموال فيها مستحفظة لدى شركة الاتصالات كما كان الشأن فيما عرف في كينيا بأم بيسا (M-PESA) أو مستأمنة لدى البنك فيما عرف فيما بعد في كينيا بأم كيشو (M-Kesho) . ففي الحالة الأولى تكون الأموال لدى شركة الاتصالات والتي هي بدورها تحفظ هذه الأموال في المصارف . وفي الحالة الثانية والتي اختارها بنك السودان والزم المصارف وشركات الاتصالات ان تعمل بها من خلال شراكة ثنائية اجبارية تكون الأموال في المصارف . وتستطيع المصارف من خلال فوائض هذه الأموال المستودعة لديها ان توسع دائرة التمويل المصرفي . وبخاصة للفقراء عبر التمويل الصغير والتمويل الأصغر. وإذا توفرت هذه الأموال لدى المصارف فأن المُكنة للتمويل لدى المصارف سوف تتضاعف ليس لتراكم هذه الأموال لديها عند استخدامها بواسطة العملاء بل لأن وجود هذه الأموال يشكل قاعدة للائتمان والضمان البنكي الذي يتيح صنع أموال إليكترونية . وذلك بذات الطريقة المستخدمة لدى بطاقات الدفع مثل الفيزا والماستر كارد وامريكان اكسبرس وغيرها من بطاقات الدفع الإلكتروني . وفي هذه الحالة فان الهاتف يصبح هو بطاقة الدفع الإلكترونية. علماً بأن بطاقات الدفع نفسها قد باتت تستخدم الهاتف بديلاً عن البطاقات . وسوف تجد في متجر تطبيقات (الاندرويد) و(أي فون) تطبيقات بطاقات دفع الفيزا و (بيي بال) وغيرها . واتصالاً للاجابة على السؤال فان وكلاء شركات الاتصالات المنتشرة في كل أنحاء القطر هم الذين سوف يقومون بالإجراءات الأولية لأدخال الخدمة في الأرياف والبوادي . وتعليم الناس كيفية التعاطي معها كما حدث في خدمة تحويل الرصيد التي أصبحت الآن بديلاً موثوقاً للحوالات المصرفية والبريدية . وانتشار الخدمة على مدى واسع مع ما توفره من فوائض ضخمة لدى المصارف وما تتيحه من فرصة لتخليق الأموال الإلكترونية سوف يوسع دائرة التبادلات والمعاملات الاقتصادية ويدفع بالتنمية لتتحرك بخطى متسارعة. وبذلك ندرك ان مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار ليست مجرد وسيلة دفع بل هي اختراع تقني يعين على ملء الفجوة في التأمين والإئتمان المالي . ويوسع دائرته ليصل إلى خدماته من كانوا محرومين من هذه الخدمات التي لا يكون الاقتصاد عصرياً إلا بواسطتها . فلم يعد مفهوم المال في زماننا المعاصر هو ذات المفهوم الذي كان سائداً في الماضي . بل ان صناعة الأموال بواسطة المصارف والوكالات المالية أصبحت هى الاطار الذى يصنع اموالاً طائلة يستأثر بها المتعاملون مع المصارف والوكالات وحدهم ويُحرم منها السواد الأعظم من الناس بل يكتون بنارها اللاهبة. ذلك ان صناعة الأموال وتمكين الأثرياء من استخدامها يؤدي الى تضخم السيولة سواء كانت نقدية أو إلكترونية بأيدي الأغنياء . مما يؤدي في علاقته بالمعروض من السلع والخدمات إلى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد وارتفاع الاسعار الذي يكتوي بناره المحرومين من الفقراء دون الأغنياء. ولاشك أن اعتماد هذه التقنية الجديدة سوف يساعد في خفض التضخم . أولاً لأنه سوف يسحب الأموال من الأيادي إلى محافظ إدخارية إليكترونية وبذلك يتوسع الأدخار على حساب الإستهلاك فينخفض التضخم. كذلك فأن توفير أموالالهاتف السيار لتمويل الفقراء عبر التمويل الصغير والتمويل الأصغر يوسع إلى مدى بعيد دائرة المنتجين . مما يعني زيادة واسعة في انتاج السلع والخدمات وتوسع دائرة الخدمات والسلع يعني توسعاً في الإقتصاد الحقيقي . مما يعني بصورة تلقائية بسبب زيادة عرض السلع والخدمات الى تراجع نسب التضخم العالية. وهكذا فان تراجع المعروض من السلع والخدمات واتساع دائرة التشغيل عبر التمويل الصغير والأصغر سيؤدي بالنتيجة إلى تسارع النمو التنموي . وهذا ما لوحظ في جميع البلدان التي أتسع فيها إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار . وبخاصة في بلدان مثل البرازيل والفلبين وبنجلاديش وكينيا وتنزانيا وبلدان كثيرة أخرى. وهنالك بلاد أخرى قررت خوض التجربة لتسريع النمو الاقتصادي وعلى رأس تلك البلاد الأفريقية جمهورية مصر العربية التي أدخلت الخدمة في ذات الوقت الذي أعلن فيه عن ادخالها في السودان . ولاشك أن للخدمات فوائد كثيرة أخرى قد يكون أحدها زيادة تحويلات المغتربين خاصة بعد معالجة المشكلة مع المصارف الأجنبية التي تتراسل مع مصارف محلية . ولاشك أن توسع موجودات المصارف السودانية سوف يُعظم من الثقة فيها ويجعل التعامل معها جاذباً للمصارف العالمية التي قد تتراسل معها. كذلك فان توسيع خدمات التأمين عبر استخدام هذه التقنية الجديدة سوف تتمظهر فوائده في اتساع الخدمات وتجويدها وتوسع دائرة التشغيل . خاصة اذا توسع التأمين في مجالات تأمين الزراعة والصناعات وسائر الخدمات الأخرى. كذلك فإن تصميم بنك السودان على جعل المصارف مركزاً وقاعدة للخدمة سيوفر الضمانات الكافية لانفاذ السياسات النقدية التي سوف يؤدي تنفيذها إلى استقرار ملحوظ في سعر العملة الوطنية وخفض معدلات التضخم وزيادة انتاج السلع والخدمات وزيادة نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي . وبالتالي توازن الميزان الخارجي ليفتح أفقاً واسعاً لتعافٍ سريع للاقتصاد الوطني. أنتهى ،،،



              

            وردتني سؤالات وملاحظات حول ما سبق من مقالات حول إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار غالبها يسأل عن فوائدها للاقتصاد بصورة عامة وعن أثرها على الفقراء على وجه الخصوص. وقد كان الحافز الرئيس لكتابة هذه المقالات والمغزى الاساس للاهتمام بشأن هذه التقنية الجديدة هو أن التجربة دلت على أثرها الفاعل في إدخال طوائف واسعة من محدودي الدخل والفقراء إلى دائرة التعامل مع المصارف . ومن ثم الانتفاع من خدمات التمويل التي تقدمها المصارف والتي اقتصرت الى حد بعيد قبل إستخدام هذا التطبيق المتصل بمناقلة الأموال عبر الهاتف السيار على تمويل الأغنياء والمقتدرين.
            وقد ختمت المقال الثالث بعدد من الأسئلة والأجابة عليها هى مادة هذا المقال الأخير في هذه السلسلة . والسؤال الأول هو كيف يمكن للفقراء ان يحصلوا على منافع من المصارف اذا كانت غير منتشرة في أريافهم وبواديهم وأحيائهم القصية . وتكمن الأجابة في كون التقنية الجديدة  تستخدم ما يعرف بالمحفظة الإلكترونية والتي يدخر فيها المتعامل ما يستطيع إدخاره بارساله عبر أرسال رصيد إلى هذه المحفظة ثم هو ينفق منها من بعد على دفعياته . وذلك مثل ارسال رصيد لشخص مال أو دفع فاتورة أو شراء إحتياجات من متجر أو دفع أقساط لمدرسة أو لشركة تأمين أو دفع أتعاب لعيادة أو سائق أجرة. وفي بلد مثل كينيا حيث أنتشرت هذه الخدمة أصبح بامكان الشخص البقاء لمدة شهر كامل دون استخدام النقود أو الشيكات المصرفية إعتماداً على أنجاز كل دفعياته من خلال المحفظة الإليكترونية . ثم أن هذه المحفظة الإلكترونية يمكن ان تكون الأموال فيها مستحفظة لدى شركة الاتصالات كما كان الشأن فيما عرف في كينيا بأم بيسا (M-PESA) أو مستأمنة لدى البنك فيما عرف فيما بعد في كينيا بأم كيشو (M-Kesho) . ففي الحالة الأولى تكون الأموال لدى شركة الاتصالات والتي هي بدورها تحفظ هذه الأموال في المصارف . وفي الحالة الثانية والتي اختارها بنك السودان والزم المصارف وشركات الاتصالات ان تعمل بها من خلال شراكة ثنائية اجبارية تكون الأموال في المصارف . وتستطيع المصارف من خلال فوائض هذه الأموال المستودعة لديها ان توسع دائرة التمويل المصرفي . وبخاصة للفقراء عبر التمويل الصغير والتمويل الأصغر.  وإذا توفرت هذه الأموال لدى المصارف فأن المُكنة للتمويل لدى المصارف سوف تتضاعف ليس لتراكم هذه الأموال لديها عند استخدامها بواسطة العملاء بل لأن وجود هذه الأموال يشكل قاعدة للائتمان والضمان البنكي الذي يتيح صنع أموال إليكترونية . وذلك بذات الطريقة المستخدمة لدى بطاقات الدفع مثل الفيزا والماستر كارد وامريكان اكسبرس وغيرها من بطاقات الدفع الإلكتروني . وفي هذه الحالة فان الهاتف يصبح هو بطاقة الدفع الإلكترونية. علماً بأن بطاقات الدفع نفسها قد باتت تستخدم الهاتف بديلاً عن البطاقات . وسوف تجد في متجر تطبيقات (الاندرويد) و(أي فون) تطبيقات بطاقات دفع الفيزا و (بيي بال) وغيرها . واتصالاً للاجابة على السؤال فان وكلاء شركات الاتصالات المنتشرة في كل أنحاء القطر هم  الذين سوف يقومون بالإجراءات الأولية لأدخال الخدمة في الأرياف والبوادي . وتعليم الناس كيفية التعاطي معها كما حدث في خدمة تحويل الرصيد التي أصبحت الآن بديلاً موثوقاً للحوالات المصرفية والبريدية . وانتشار الخدمة على مدى واسع مع ما توفره من فوائض ضخمة لدى المصارف وما تتيحه من فرصة لتخليق الأموال الإلكترونية سوف يوسع دائرة التبادلات والمعاملات الاقتصادية ويدفع بالتنمية لتتحرك بخطى متسارعة. وبذلك ندرك ان مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار ليست مجرد وسيلة دفع بل هي اختراع تقني يعين على ملء الفجوة في التأمين والإئتمان المالي . ويوسع دائرته ليصل إلى خدماته من كانوا محرومين من هذه الخدمات التي لا يكون الاقتصاد عصرياً إلا بواسطتها . فلم يعد مفهوم المال في زماننا المعاصر هو ذات المفهوم الذي كان سائداً في الماضي . بل ان صناعة الأموال بواسطة المصارف والوكالات المالية أصبحت هى الاطار الذى  يصنع اموالاً طائلة يستأثر بها المتعاملون مع المصارف والوكالات وحدهم ويُحرم منها السواد الأعظم من الناس بل يكتون بنارها اللاهبة.
            ذلك ان صناعة الأموال وتمكين الأثرياء من استخدامها يؤدي الى تضخم السيولة سواء كانت نقدية أو إلكترونية بأيدي الأغنياء . مما يؤدي في علاقته بالمعروض من السلع والخدمات إلى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد وارتفاع الاسعار الذي يكتوي بناره المحرومين من الفقراء دون الأغنياء. ولاشك أن اعتماد هذه التقنية الجديدة سوف يساعد في خفض التضخم . أولاً لأنه سوف يسحب الأموال من الأيادي إلى محافظ إدخارية إليكترونية وبذلك يتوسع الأدخار على حساب الإستهلاك فينخفض التضخم. كذلك فأن توفير أموالالهاتف السيار لتمويل الفقراء عبر التمويل الصغير والتمويل الأصغر يوسع إلى مدى بعيد دائرة المنتجين . مما يعني زيادة واسعة في انتاج السلع والخدمات وتوسع دائرة الخدمات والسلع يعني توسعاً في الإقتصاد الحقيقي . مما يعني بصورة تلقائية بسبب زيادة عرض السلع والخدمات الى تراجع نسب التضخم العالية. وهكذا فان تراجع المعروض من السلع والخدمات واتساع دائرة التشغيل عبر التمويل الصغير والأصغر سيؤدي بالنتيجة إلى تسارع النمو التنموي . وهذا ما لوحظ في جميع البلدان التي أتسع فيها إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار . وبخاصة في بلدان مثل البرازيل والفلبين وبنجلاديش وكينيا وتنزانيا وبلدان كثيرة أخرى. وهنالك بلاد أخرى قررت خوض التجربة لتسريع النمو الاقتصادي وعلى رأس تلك البلاد الأفريقية جمهورية مصر العربية التي أدخلت الخدمة في ذات الوقت الذي أعلن فيه عن ادخالها في السودان . ولاشك أن للخدمات فوائد كثيرة أخرى قد يكون أحدها زيادة تحويلات المغتربين خاصة بعد معالجة المشكلة مع المصارف الأجنبية التي تتراسل مع مصارف محلية . ولاشك أن توسع موجودات المصارف السودانية سوف يُعظم من الثقة فيها ويجعل التعامل معها جاذباً للمصارف العالمية التي قد تتراسل معها. كذلك فان توسيع خدمات التأمين عبر استخدام هذه التقنية الجديدة سوف تتمظهر فوائده في اتساع الخدمات وتجويدها وتوسع دائرة التشغيل . خاصة اذا توسع التأمين في مجالات تأمين الزراعة والصناعات وسائر الخدمات الأخرى. كذلك فإن تصميم بنك السودان على جعل المصارف مركزاً وقاعدة للخدمة سيوفر الضمانات الكافية لانفاذ السياسات النقدية التي سوف يؤدي تنفيذها إلى استقرار ملحوظ في سعر العملة الوطنية وخفض معدلات التضخم وزيادة انتاج السلع والخدمات وزيادة نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي . وبالتالي توازن الميزان الخارجي ليفتح أفقاً واسعاً لتعافٍ سريع للاقتصاد الوطني.
أنتهى ،،،

                د. أمين حسن عمر

            وردتني سؤالات وملاحظات حول ما سبق من مقالات حول إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار غالبها يسأل عن فوائدها للاقتصاد بصورة عامة وعن أثرها على الفقراء على وجه الخصوص. وقد كان الحافز الرئيس لكتابة هذه المقالات والمغزى الاساس للاهتمام بشأن هذه التقنية الجديدة هو أن التجربة دلت على أثرها الفاعل في إدخال طوائف واسعة من محدودي الدخل والفقراء إلى دائرة التعامل مع المصارف . ومن ثم الانتفاع من خدمات التمويل التي تقدمها المصارف والتي اقتصرت الى حد بعيد قبل إستخدام هذا التطبيق المتصل بمناقلة الأموال عبر الهاتف السيار على تمويل الأغنياء والمقتدرين.
            وقد ختمت المقال الثالث بعدد من الأسئلة والأجابة عليها هى مادة هذا المقال الأخير في هذه السلسلة . والسؤال الأول هو كيف يمكن للفقراء ان يحصلوا على منافع من المصارف اذا كانت غير منتشرة في أريافهم وبواديهم وأحيائهم القصية . وتكمن الأجابة في كون التقنية الجديدة  تستخدم ما يعرف بالمحفظة الإلكترونية والتي يدخر فيها المتعامل ما يستطيع إدخاره بارساله عبر أرسال رصيد إلى هذه المحفظة ثم هو ينفق منها من بعد على دفعياته . وذلك مثل ارسال رصيد لشخص مال أو دفع فاتورة أو شراء إحتياجات من متجر أو دفع أقساط لمدرسة أو لشركة تأمين أو دفع أتعاب لعيادة أو سائق أجرة. وفي بلد مثل كينيا حيث أنتشرت هذه الخدمة أصبح بامكان الشخص البقاء لمدة شهر كامل دون استخدام النقود أو الشيكات المصرفية إعتماداً على أنجاز كل دفعياته من خلال المحفظة الإليكترونية . ثم أن هذه المحفظة الإلكترونية يمكن ان تكون الأموال فيها مستحفظة لدى شركة الاتصالات كما كان الشأن فيما عرف في كينيا بأم بيسا (M-PESA) أو مستأمنة لدى البنك فيما عرف فيما بعد في كينيا بأم كيشو (M-Kesho) . ففي الحالة الأولى تكون الأموال لدى شركة الاتصالات والتي هي بدورها تحفظ هذه الأموال في المصارف . وفي الحالة الثانية والتي اختارها بنك السودان والزم المصارف وشركات الاتصالات ان تعمل بها من خلال شراكة ثنائية اجبارية تكون الأموال في المصارف . وتستطيع المصارف من خلال فوائض هذه الأموال المستودعة لديها ان توسع دائرة التمويل المصرفي . وبخاصة للفقراء عبر التمويل الصغير والتمويل الأصغر.  وإذا توفرت هذه الأموال لدى المصارف فأن المُكنة للتمويل لدى المصارف سوف تتضاعف ليس لتراكم هذه الأموال لديها عند استخدامها بواسطة العملاء بل لأن وجود هذه الأموال يشكل قاعدة للائتمان والضمان البنكي الذي يتيح صنع أموال إليكترونية . وذلك بذات الطريقة المستخدمة لدى بطاقات الدفع مثل الفيزا والماستر كارد وامريكان اكسبرس وغيرها من بطاقات الدفع الإلكتروني . وفي هذه الحالة فان الهاتف يصبح هو بطاقة الدفع الإلكترونية. علماً بأن بطاقات الدفع نفسها قد باتت تستخدم الهاتف بديلاً عن البطاقات . وسوف تجد في متجر تطبيقات (الاندرويد) و(أي فون) تطبيقات بطاقات دفع الفيزا و (بيي بال) وغيرها . واتصالاً للاجابة على السؤال فان وكلاء شركات الاتصالات المنتشرة في كل أنحاء القطر هم  الذين سوف يقومون بالإجراءات الأولية لأدخال الخدمة في الأرياف والبوادي . وتعليم الناس كيفية التعاطي معها كما حدث في خدمة تحويل الرصيد التي أصبحت الآن بديلاً موثوقاً للحوالات المصرفية والبريدية . وانتشار الخدمة على مدى واسع مع ما توفره من فوائض ضخمة لدى المصارف وما تتيحه من فرصة لتخليق الأموال الإلكترونية سوف يوسع دائرة التبادلات والمعاملات الاقتصادية ويدفع بالتنمية لتتحرك بخطى متسارعة. وبذلك ندرك ان مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار ليست مجرد وسيلة دفع بل هي اختراع تقني يعين على ملء الفجوة في التأمين والإئتمان المالي . ويوسع دائرته ليصل إلى خدماته من كانوا محرومين من هذه الخدمات التي لا يكون الاقتصاد عصرياً إلا بواسطتها . فلم يعد مفهوم المال في زماننا المعاصر هو ذات المفهوم الذي كان سائداً في الماضي . بل ان صناعة الأموال بواسطة المصارف والوكالات المالية أصبحت هى الاطار الذى  يصنع اموالاً طائلة يستأثر بها المتعاملون مع المصارف والوكالات وحدهم ويُحرم منها السواد الأعظم من الناس بل يكتون بنارها اللاهبة.
            ذلك ان صناعة الأموال وتمكين الأثرياء من استخدامها يؤدي الى تضخم السيولة سواء كانت نقدية أو إلكترونية بأيدي الأغنياء . مما يؤدي في علاقته بالمعروض من السلع والخدمات إلى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد وارتفاع الاسعار الذي يكتوي بناره المحرومين من الفقراء دون الأغنياء. ولاشك أن اعتماد هذه التقنية الجديدة سوف يساعد في خفض التضخم . أولاً لأنه سوف يسحب الأموال من الأيادي إلى محافظ إدخارية إليكترونية وبذلك يتوسع الأدخار على حساب الإستهلاك فينخفض التضخم. كذلك فأن توفير أموالالهاتف السيار لتمويل الفقراء عبر التمويل الصغير والتمويل الأصغر يوسع إلى مدى بعيد دائرة المنتجين . مما يعني زيادة واسعة في انتاج السلع والخدمات وتوسع دائرة الخدمات والسلع يعني توسعاً في الإقتصاد الحقيقي . مما يعني بصورة تلقائية بسبب زيادة عرض السلع والخدمات الى تراجع نسب التضخم العالية. وهكذا فان تراجع المعروض من السلع والخدمات واتساع دائرة التشغيل عبر التمويل الصغير والأصغر سيؤدي بالنتيجة إلى تسارع النمو التنموي . وهذا ما لوحظ في جميع البلدان التي أتسع فيها إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار . وبخاصة في بلدان مثل البرازيل والفلبين وبنجلاديش وكينيا وتنزانيا وبلدان كثيرة أخرى. وهنالك بلاد أخرى قررت خوض التجربة لتسريع النمو الاقتصادي وعلى رأس تلك البلاد الأفريقية جمهورية مصر العربية التي أدخلت الخدمة في ذات الوقت الذي أعلن فيه عن ادخالها في السودان . ولاشك أن للخدمات فوائد كثيرة أخرى قد يكون أحدها زيادة تحويلات المغتربين خاصة بعد معالجة المشكلة مع المصارف الأجنبية التي تتراسل مع مصارف محلية . ولاشك أن توسع موجودات المصارف السودانية سوف يُعظم من الثقة فيها ويجعل التعامل معها جاذباً للمصارف العالمية التي قد تتراسل معها. كذلك فان توسيع خدمات التأمين عبر استخدام هذه التقنية الجديدة سوف تتمظهر فوائده في اتساع الخدمات وتجويدها وتوسع دائرة التشغيل . خاصة اذا توسع التأمين في مجالات تأمين الزراعة والصناعات وسائر الخدمات الأخرى. كذلك فإن تصميم بنك السودان على جعل المصارف مركزاً وقاعدة للخدمة سيوفر الضمانات الكافية لانفاذ السياسات النقدية التي سوف يؤدي تنفيذها إلى استقرار ملحوظ في سعر العملة الوطنية وخفض معدلات التضخم وزيادة انتاج السلع والخدمات وزيادة نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي . وبالتالي توازن الميزان الخارجي ليفتح أفقاً واسعاً لتعافٍ سريع للاقتصاد الوطني.

أنتهى ،،،

هسا...وقروشي والمحفظة خطوة نحو التعافي الاقتصادي




                 الخبر الحسن ان خدمة مناقلة الاموال عبر الهاتف السيار تتطور بالسرعة الفائقة التي توقعنا . فمنذ بدء كتابة هذه المقالات أعلن اكثر من مصرف انه بصدد تقديم الخدمة شراكة مع واحدة من شركات الهاتف السيار. فقد اعلنت أربعة مصارف متضامنة تقديم خدمة المحفظة لتنضم هذه الخدمة الجديدة الي خدمتي هسا وقروشي اللتين يقدمها بنك الخرطوم مع شركة زين و بنك فيصل الاسلامي مع شركة سوداني . ولربما هب من يسأل لماذا نبدى كل هذا الاهتمام بهذه الخدمة المصرفية ؟ والإجابة يسيرة وهي اننا نعتقد مستندين الي افضل تجارب الدول انها ذات اثر حميد وسريع علي الاقتصاد. وقد يلي السؤال سؤال  من أين تأتي هذه الاثار الحميدة؟وقد يلي السؤال سؤال من هم المستفيدون من هذه الثمار الجيدة لتطبيق الخدمة؟ويليه سؤال كيف يحدث ذلك؟ 

صنع الأموال :
               كان المال في الماضي يتمثل في السلع والخدمات التي يحتاجها الانسان فينتجها . ولما لم يكن كل انسان بقادر علي انتاج وتلبية كل احتياجاتة من السلع والخدمات نشأت التبادلية والمقايضة . فالسلعة مقابل السلعة والخدمة مقابل الخدمة . ولما لم تكن الخدمات والسلع متكافئة دائماًبسبب ندرة السلعة او عظم ما يُبذل فيها من جهد اختار الناس سلعتين هما الذهب والفضة ليكونان معيارا لتقدير قيمة السلع والخدمات. ولم يكن الاختيار ضرب عشواء بل كان لأن البشر جميعا تتعلق قلوبهم بهاتين السلعتين . وذلك رغم كونها من السلع الكمالية التي لا تستهلك في ذاتها ولا تفني مع مرور الأزمان.كذلك فانه من السهل معرفة الخالص من المخلوط والصحيح من الزائف منهما . ولذلك صارت معرفة النقدين الذهب والفضة رمزا للبصيرة الثاقبة في معرفة الجيد من الردىء من كل شىء وكل فعل وكل قول.  واستمر الحال علي هذا المنوال في كل مكان وكل عصر. حتي سولت العجرفة والعنجهية والاسنبداد للولايات المتحدة الامريكية في العام ١٩٧٠ أن تعلن للعالم ميلاد عصر جديد وان عصر الذهب ولى وأن المعيار الجديد هو العملة الامريكية بلا غطاء ذهبي .فعلت أمريكا ذلك استخفافا بالعالم فأطاعتها غالب دول العالم ثم كلها من بعد .ذلك ان رجال الاعمال في العالم لم يكن يسعهم الاستغناء عن أكبر أسواق العالم شراء وبيعا. وهكذا صار بإمكان دولة واحدة في العالم ان تسيطر علي التسعير اى المكنة  لإعطاء السلع والخدمات القيم التي تلائم مصالحها أى مصالح أمريكا . ولم يقف الامر عند هذا الحد فبعد ان كانت قيم السلع والخدمات ثابتة بثبات النقدين اصبحت كل النقود اصطلاحية. ونعني بذلك ان ثلة من المضاربين بوسعهم ان يرتقوا بقيمة سلعة من السلع ويمكنهم ان يهووا بها الي أسفل سافلة السلع . وليس لذلك علاقة بالضرورة بالندرة والوفرة . ولا بأقدار العمل المطلوب لإنتاجها بل لمجرد معلومة أو شائعة تصح او لا تصح او لأن وكالة من وكالات المال أعطتها تصنيفا معينا او توقعت لها مستقبلا زاهرا او قاتما. وهكذا اصبح صنع القيم النقدية  صناعة كبري بل أصبح أكبر صناعة عرفتها البشرية. ومن يمارى فلينظر الي أرباح ما يعرف بأسواق المال وكم تتدفق فيها من ترليونات ألدولارات. واصبح المغزي من صنع الاموال هو صنع الفقر .فالمال الاعتباطي والتسعير الاعتباطي يكون فيه الخاسرون هم الضعفاء الفقراء

صناعة المال وصناعة الفقر :
                            لا يحتاج الأمر الي إطناب ولا إسهاب فلئن كنت تملك المال فانت تملك السوق . وان كنت تملك السوق فانت تملك المعروض فيها من سلع وخدمات. يمكنك ان تغلى أسعارها متي شئت وأن ترخصها متي شئت .فاما الخاسرون فهم أولئك الفقراء الذين لا يملكون الا جهد عملهم . ذلك الذي أصبح السلعة الأرخص. وانتشرت مصانع الأموال من بورصات ومصارف وكالات تأمين ووكالات تصنيف . ولا يملك هذه الوكالات الا الفئة الباغية الثرية التي لا يتجاوز أفرادها الواحد بالمائة وتملك خمسين بالمائة من ثروة البشرية . ولا يتعامل مع مصارفها ووكالاتها وشركاتها المالية الا القلة القليلة من الناس . وغذا عو الحال بخاصة في بلدان العالم الثالث.ولذلك يلزم القول ان من لا يتعامل مع وكالات صنع النقود وعلي راسها المصارف والبورصات فانه سيصبح بلا شك الطرف المغبون. ومن المعلوم ان السواد الأعظم من الانتاج والتجارة في العالم يعتمد علي ضمانات وائتمان تقدمه المصارف . وغالب ذلك التمويل مال مفترض يقوم علي الثقة والاعتماد . ولا يقوم علي توفر تلك الاموال في المصارف بالفعل. وتزيد الاعتمادية بقدر ثقة الجمهور ليستامن المصرف علي حفظ ماله او مناقلته أو استثماره. ولما كان الحال كذلك فانه يعني أن ثلة قليلة تستفيد من المال المصنوع مصرفيا لتوسيع أعمالها وتعظيم أرباحها . وأما الغالب من الناس فيحرمون .لالانهم لا يريدون  المزابنة للمصارف ووكالات الاموال بل لان هذه المصارف  أسست من الناحيتين التنظيمين والاجرائية لخدمة الأغنياء الأثرياء.فحسب لا غير . ولقد ظلت الأحبار تهرق والدراسات تعد للإجابة علي سؤال كيفية أخراج الفقراء من داترة المحرومية من الخدمة المالية وإدخالهم الي عالم التعاطي مع مال الائتمان والضمان. فنشأت مصطلحات مثل بنوك الفقراء والتمويل الصغير والتمويل الأصغر . وكانت كلها أفكار جيدة ولكنها لا تصمد عند الممارسة.ذلك ان أهل المال ملة واحدة وهم يتآزرون علي سد الطريق علي أمواج الفقراء و التي ان تكاثرت علي أبواب المصارف فإنه التسونامي الذي لا يبقي ولا يذر.ولذلك كان البحث دائماً عن العوائق لا عن الجسور وعن المشكلات لا عن الحلول .

الهاتف السيار جاء بالحلول:

                            كان السؤال الاول كيف للفقراء ان يحصلوا علي منافع البنوك ان كانوا لا يتعاملون معها وهي بعيدة المنتأي من بواديهم وأريافهم بل وحتي أحيائهم التي يزعم الزاعمون انها لا يتوفر فيها الأمن لمؤسسات مالية ؟ والسؤال الاخر هو كيف تكفي الاموال لتمويل العدد الغفير من الناس وهي لا يضع المال فيها الا القليل منهم؟ والثالث هو سؤال الضمانات للأموال التي تعطي تمويلا لمن لا يملك ضمانا الا جهد عضله وحسن خلقه. وقد جاء الهاتف السيار بالاجابات كلها لهذه السوالات .كيف كان ذلك هو موضوع المقالة الخاتمة لهذه المقالات في الاسبوع القادم بإذن الله.

هسا...وقروشي... خطوة علي طريق التعافي الاقتصادي (2-3




الخدمة التي أطلقتها "زين" مع بنك الخرطوم وشركة سوداني مع بنك فيصل الإسلامي كانت موضوع القسم الأول من هذه المقالة، وقد ذكرنا آنفاً أن الاهتمام بالخدمه يتصل بالأثر المتوقع لها عند تعميمها على جميع المصارف والشركات. وتوسيع نطاق أعمالها كى ما يكون لها أثر كبير في تحقيق هدفين مهمين .الأول هو إدخال القدر الأكبر من السيوله إلى النظام المصرفي وسحبها من التداول الإستهلاكي الكثيف الذي يفاقم التضخم ويتسبب في غلاء الأسعار، فالسيطرة على السيوله هي الآداة الأفعل في مكافحة التضخم . أما الهدف الثاني فهو استخدام هذه السيوله عند تجميعها في المصارف لتمويل الفقراء عبر أنظمة التمويل الصغير والتمويل الأصغر ومد خدمات النظام المصرفي التي كانت مقتصرة على الحضر إلى الأرياف. وفي القسم الأول من المقال ألقينا بعض الضوء على تجربة كينيا في استخدام الهاتف السيار لتوسيع خدمات الدفع والخدمات المصرفيه وذلك عبر خدمة (أم بيسا)
أن تأتي متأخراً :
لا شك عندي أن السواد الأعظم من أهل الإعلام والسياسة والعامة من الناس لا يعرفون مزايا هذه الخدمة وإمكاناتها المتطورة . ولا يدركون تأثيراتها البعيدة المدى.  والسودان إذ يلج للخدمه بعد سبع سنوات من تجربتها بنجاح منقطع النظير فى كينيا قمين به أن يتحسر على إضاعة السنوات التي كان يمكن إثناءها أن يحصد منافع عديدة في الاقتصاد . وأن يبدأ في معالجة إختلالات التفاوت المريع بين الحضر والريف وبين الأعضاء والفقراء.  ولكن أن تأتي أخيرا خير من أن لا تأتي أبدا. لذلك فإن بداية الخدمة عبر هسا وقروشي بداية مباركة رغم كونها متواضعه . وتقتصر فى مرحلنها الراهنة على دفع فواتير واستعلام عن الخدمات بينما توسعت في كينيا لتصبح وسيلة الدفع الأكثر أهمية وتفوقت على الوسائل الأخرى حتى أن الكثيرين يمر عليهم الشهر الكامل لا يحملون ورق البنكنوت ولا شيكات المصارف لا يحملون إلا الهاتف السيار الذي يدفعون من خلال محفظته الاليكترونية كل المدفوعات من خلال  حساب (أم – كيشو) في المصرف عبر الهاتف .  والمعلوم أن المعاملات المتاحه من خلال هذه الخدمة تشمل :
1.               تحويل المال من شخص لآخر.
2.               شراء الرصيد للتحادث أو الدخول للشبكة الدولية للمعلومات.
3.               دفعيات شخص لمتاجر، شركات أو أية أعمال (BUSINESS)
4.               دفعيات رجال الأعمال أو الشركات للأفراد مثل دفع مرتبات استحقاقات أو تمويلأو او تعويض تأمين .
5.               المعلومات والإعلانات مثل الإستعلام عن الرصيد أو الإعلام عن خدمات.
وخدمة (أم بيسا) في كينيا نمت بسرعه فائقة حتى شملت 86% من اللأسر الكينيه في الريف والحضر. وقد بدأت بخلاف التجربة السودانيه مرتكزه على شركات الهاتف السيار عبر نظام المحفظة الإلكيترونيه (E-WALLET) ولكنها استخدمت فيما بعد نظام "ام كيشو) بالإرتكاز على حساب مصرفي مع بنك شريك . أما في السودان فتبدأ الخدمة بصورة شبيهة بنظام "ام – كيشو) وهو النظام المرتكز على الحساب المصرفي .  وهو النظام الأكثر فائدة، والأكثر أماناً . ذلك أن المصارف أكثر قدرة على توظيف الأموال واستثمارها . وبخاصة تسليفها عبر نظام التمويل الأصغر للفقراء لتوسيع قاعدة النشاط الإقتصادي. فبينما تحتفظ شركات الهاتف السيار بالأموال دون توظيف أو توظيفها دون ضمانات كافية أو رقابة صارمة من البنك المركزي تتفر الضمانات  المناسبة ويتيسر التوظيق عبر المصارف. وبنك السودان المركزي الذي بدأ التفكير الجاد في إدخال الخدمة منذ عدة سنوات ظل يقدم قدماً ويؤخر الأخرى حذرا ألا تتوفر الضوابط والضمانات الكافية للإحاطه بالمحاذير التي يمكن أن تصاحب إدخال الخدمة التي يعرف عنها قدرتها الباهرة في التوسع السريع . ففي ذات السنة التي بدأت فيها الخدمة في كينيا ، عقد بنك السودان ندوة بالتضامن مع الفاو وبنك خدمات التنمية الألماني وشركة زين للهاتف السيارمنتدى عن تطوير أنظمة التمويل الأصغر بالإستفادة من مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار وكان ذلك في العام 2007م. في تلك الندوة أجمعت الأطراف على نجاعة إدخال الخدمة لتسريع انتشار التمويل الأصغر. وفي ذات الإتجاه مول صندوق الأمم المتحدة للتنمية UNDP دراسة في إطار تخفيف الفقر ودراسة أخرى عن استخدام التمويل الأصغر وسيله لدعم المجتمعات في مناطق النزاع ، وكانت الدراسة في دارفور. والدراستان أوصتا بإدخال نظام مثل نظام " أم بيسا" الكيني . وفي ذات السنة 2010م تعاقد بنك السودان مع شركتين استشاريتين لدراسة جدوى إنشاء مصارف بلا فروع اعتمادا على منتجات ثورة الاتصالات وبخاصة استخدام الهاتف السيار ، وكلا الاستشاريين اوصى بإدخال الخدمة مع التأكيد على ضرورة أن ترتكز على الحسابات المصرفية . وأن تخضع لرقابة مصرفية فاعله من خلال قواعد وضوابط عمل القطاع المصرفي في إطار السياسة النقدية لبنك السودان . وقد بدأ بنك السودان بالسماح تدريجياً وبحذر كبير بادخال خدمة الدفعيات للكهرباء، ولدفع فاتورة الهاتف وتحويل الرصيد، كانت أسباب التأخر في إدخال الخدمة تتلخص فى الآتى :
1)              أهمية إكمال الإطار التشريعي والتنظيمي لضبط الخدمة وتحاشي المحاذير المتمثلة في تأمين حقوق المودعين والتحوط من عمليات غسيل الأموال عبر استخدام مناقلة المال عبر الهاتف السيار.
2)              استيعاب الإطار الاجتماعي والثقافي لضمان ملاءمة الخدمة للاعتبارات الاجتماعية والثقافية وبخاصة ملاءمتها للسياسة النقدية والمعاملات المرتكزه على الشريعة الإسلامية.
3)              تدريب وتثقيف المستخدمين العملاء والوكلاء على الخدمه.
4)              دراسة شبكات الوكلاء وتأهيلها للتلاؤم مع الخدمه الجديده لأن هؤلاء الوكلاء سوف يترتب عليهم القيام بأعمال شبه مصرفيه.
وها هى الخدمة تنطلق الآن بعد أن تهيأت لها ظروف النجاح والانتشار السريع. بيد أن ثمة ملاحظات مهمة : أولها هي أن الخدمه تنطلق بأسمين تجاريين مختلفين من مصرفين مختلفين . والمرجو أن تنتشر الخدمه لتعم كل المصارف العامله وكل شركات الاتصالات، فإذا حدث ذلك فإن إتخاذ أسماء كثيرة للخدمة مثل "هسا" وأخرى "قروشي" وربما تأتي فلوسي وفورا وهلمجرا مما يسبب ارباكا كبيرا للمتعاملين .  وكان الأحرى ببنك السودان المركزي أن يطلق أسما واحدا للخدمه كما حدث في كينيا وغيرها ثم يتعاقد مع شركات الاتصال والمصارف للعمل تحت الاسم . فهو ليس علامة تجارية، بل هو اسم للخدمه.  والملاحظة الثانيه أنه كان بالإمكان بدء الخدمه بعد التعاقد مع المتاجر الكبرى لتكون شريكا يقبل الدفعيات عبر الهاتف السيار . وكذلك بعض الشركات الكبرى مثل التأمين الصحي حتى يدرك الناس الحيز الذي يمكن أن تغطيه الخدمه والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه بوصفها وسيلة دفع فاعله ومأمونه.
كيف تفعل الخدمة ؟
كما أسلفنا القول يمكن للخدمة أن ترتكز على نظام المحفظه الإلكترونيه بحيث تكون الأموال لدى شركة الاتصالات . وقد تقوم الأخيرة بإيداعها بالمصارف على الحسابين الجاري والاستثماري . ويمكن أن ترتكز الخدمه على الحساب المصرفي الذي يكون النفاذ إليه عبر المحفظة الإلكترونية . وتكون الحسابات على مسؤولية المصارف . والتجربه الكينيه بدأت بالنظام الأول وانتهت باعتماد النظامين .  واعتقد ان بنك السودان ولغرض الإطمئنان على الإلتزام بالسياسه النقديه يجعل الخدمه مرتكزة على نظام الحساب المصرفي . فتكون الأموال في عهدة المصارف تستخدم في الحسابات الجارية وحسابات الاستثمار وفقا للسياسة النقديه لبنك السودان . والتزاماً بالضوابط التي تؤمن أموال المودعين وتسد كل الثغرات أمام محاولات غسيل الأموال المشبوهة.
ولا أستبعد أن تواجه الخدمة الجديدة بعض المقاومة من جهات عديدة . وذلك بسبب عدم الفهم الدقيق لها . وبسبب أنها ستوقف حقبة ارسال الرصيد القابل للإستبدال والذي كان الوكلاء يأخذون عليها نسبة باهظة وهي 10% . ولكن الوكلاء لو أدركو ان التوسع الهائل في الخدمه الجديده سيعوض الفاقد من انخفاض نسبة تحويل الرصيد فلربما أقبلوا عليها بحماسة منقطعة النظير كما حدث في كينيا. ولا شك أن وكلاء شركات الاتصالات وبخاصة في الأرياف عنصر مهم في نجاح هذه الخدمه، ولذلك فإن تثقيفهم وتدريبهم يصبح في غاية الأهمية . ولا بد لهؤلاء الوكلاء أن يحظوا بالثقه الكاملة من العملاء لأن عملهم لن يقتصر على تحويل الرصيد بل على استلام أموال وتحويلها للمصارف . وكذلك والقيام بعمليات تسجيل العملاء وتوجيههم لكيفية استخدام الهاتف السيار في الدفعيات المختلفة.


نواصـــــــــــــــــــــــــــــــــل،،،

هسا وقروشي... خطوة علي طريق التعافي الاقتصادي (1-2 )

بسم الله الرحمن الرحيم
المدونة السياسية
د. أمين حسن عمر
                                                                                                                   aminhassanomer.blogspoit.com
 لا ليس يدخل في مقاصد هذا المقال الدعاية لخدمتي هسا ..وقروشي اللتين أطلقتهما زين وسوداني على التتالى مع بنكي الخرطوم وفيصل . ولا يجوز للسوداني أن تتقاضي أية رسوم على النشربسبب هذا المقال . ولا يعني ذلك أننا لا نحث الجمهور على الأنخراط السريع في هاتين الخدمتين وأمثالهما مما يمكن لمصارف وشركات اتصالات أخرى أن تطلقها قريباً . وقد يرد السؤال كيف يمكن أن يكون لهذه الخطوات دور مرتقب في تحقيق التعافي الأقتصادي الوشيك بأذن الله ؟ وكنت قد كتبت قبل عامين مقالاً تحت عنوان (الأسلاميون والمسألة الأجتماعية) تطرقت فيه الى مسألة تمويل الفقراء . ونوهت لتجربة كينيا والفلبين وتنزانيا وبلاد أخرى في أستخدام الهاتف السيار وسيلة لأدخال ملايين المواطنين الى دائرة النشاط والتمويل المصرفي . وحاولت شرح علاقة ذلك بالتحكم في السيولة بأدخالها للنظام المصرفي وتوفير فوائض هائلة لتمويل مشروعات الفقراء عبر التمويل الأصغر والتمويل متناهي الصفر.
 ثورة الهاتف السيار:
لا نحتاج الى كثير حديث عن التحولات الهائلة التي أحدثها الهاتف السيار في الحياة الأجتماعية والأقتصادية والثقافية. ولكن تطور التقنيات المرتقب في الهاتف السيار يوشك أن يحدث ثورة أقتصادية هائلة . وذلك من خلال تغيير نماذج الأعمال والنشاط الأقتصادي في أعوام قليلة ربما الخمس سنوات المقبلة . ذلك ليس لأنها ستتولد عنها عوائد وفوائض هائلة فحسب بل لانها ستؤدي الى تغيرات جذرية في أساليب التعاطي المالي ونشاط الأعمال، وسوف تتطور هذه الأساليب الجديدة بذات سرعة تطور تقنيات الهاتف السيار . وسوف ينشأ على اثر ذلك علم أقتصاد جديد يقوم على تفاعلية هائلة وسريعة بين رجال الأعمال وبينهم وبين المستهلكين من ناحية أخرى. وبهذا الزواج الفريد بين العالمين الحقيقي والأسفيرى تتولد ثورة أقتصادية غير مسبوقة . ذلك أن البشرية تكسب بذلك أغلى المعطيات الأقتصادية على الأطلاق الا وهو عنصر الوقت. ومن ناحية أخرى فإن أندماج الهواتف الذكية في الحواسيب اللوحية سيتيح فرصاً اتصالية غير مسبوقة . ويشكل نظام خدمات جديد كامل ومتفاعل وفائق السرعة . وسوف يتمظهر ذلك كله ثورة في عالم التجارة والمعاملات والإعلانات والتبادلات المالية وغير ذلك. فثورة المعلومات لن تتيح معرفة ونقل البيانات السريعه عبر الأندماج بين الهاتف والحاسوب اللوحي بل سوف توفر معلومات كان من المتعذر الحصول عليها دون هذا الدمج وتكشف عن أتجاهات وميول الأسواق والأعمال والأشخاص . مما يجعل التفاعل والتجاوب السريع مع الأحتياجات الحقيقية للأشخاص والهيئات أكثر دقة وأسرع نسقاً . ورغم مما في ذلك من أختراق للخصوصيات أصبح من المتعذر تجنبه ألا أن له فوائد عظمى في مجال تنمية الأستهلاك وتعزيز التشغيل وتنشيط الأقتصاد.
الهاتف السيار في السودان :
دخل الهاتف السيار في السودان في وقت مبكر نسبياً في العام 1997 عبر شركة (موبيتل) زين حالياً . وسنحت لتطوره فرص هائلة تمثلت في الأموال الهائلة التي أنفقت في بناء شبكة الألياف الضوئية لتصل أطراف السودان جميعاً بعضها ببعض. كما أستفاد من أقبال هائل ومتسارع على الخدمة التي شهد مراقبون عبر العالم بتميزها بجودة عالية. 
بيد أن الهاتف السيار في السودان رغم تأثيره الظاهر على قطاع الأعمال في السودان وبخاصة الأعمال الصغيره لم يطور خدماته في المجالات خارج الاتصالات الهاتفيه وعبر الشبكه العنكبوتيه وتحويل الرصيد. بل لم تستفد شركات الهاتف السيار وهي تتشارك الملامة مع بنك السودان المركزي مما استفادت منه شركات الاتصالات في بلد مجاور مثل كينيا . فتلك قدمت خدمة (أم بيسا) وتعني (نقود الموبايل ) بالسواحيلي إلى الجمهور الكيني في العام 2007م ، علماً بأن خدمة الموبايل دخلت إلى كينيا في ذات العام الذي دخلت فيه الخدمه إلى السودان (1997)م . ورغم أن بنك السودان المركزي بدأ البحث في إدخال الخدمة منذ عدة سنوات وتهيأ لها بإعداد التشريعات اللازمه فإنه تهيب البدء في الخدمه حتى بدأت طلائعها في خدمتي (هسا) بين زين وبنك الخرطوم و(قروشى) بين سوداني وبنك فيصل الإسلامي.وهما يبدآن بتقديم خدمات محدودة لكنها سرعان ما تتطور كما تطورت فى البلدان الأخرى . بيد أن الشركات كانت تتعاطى فى السابق بصورة مبسطه وغير مقننه في هذا المجال من خلال استخدام نظام الدفع المقدم (بيري بيد) والذي عنى احتفاظها بفوائض أموال من المستخدمين بحيث صارت أشبه ما تكون بالمصارف . واحتفظت بسيوله طائله من أموال (البيرى بيد) ولكن هذه الأموال التي لم تخضع للسياسه النقديه لبنك السودان المركزي ظلت فوائض عاطلة عن الاستثمار أو التمويل الذي قد يستفيد منه قطاع الأعمال. كذلك بدأت بعض الشركات بالتنسيق مع بعض المصارف خدمات محدوده لدفع الفواتير وعملت أيضاً في خدمة تحويل الرصيد التي تجاوزت فكرة الرصيد المستعمل للاتصال إلى الرصيد القابل للإستبدال.  بيد أن كل هذه المعاملات ظلت محصورة ومحدودة وذات أثر ضئيل في تحريك الاقتصاد بخلاف التجربة الكينية التي بدأت في العام 2007م بإدخال خدمة (أم بيسا) والتي تتيح للمواطنين نقل الأموال عبر الرسائل النصيه القصيرة، والتي شهدت نمواً أذهل كل المراقبين حميعا فشركة سفاري كوم التي بدأت الخدمة أصبح 14.5 مليون مشترك لديها يستخدمون هذه الخدمه كما دخلت الشركات الأخرى جميعاً لتقديم خدمة مناقلة الأموال، وقد أظهرت دراسة أعدتها جامعة جورجتاون الأمريكيه أن 86% من السكان في الريف الكيني يستخدمون خدمة (أم بيسا) . وأعلن بنك كينيا المركزي في تقريره عن العام 2010 أن سفاري كوم وحدها حولت عبر الهاتف 728 مليار شلن كيني ( 8.8 مليار دولار أمريكي) في العام 2010 وذلك يساوي قيمة 13% من الناتج الإجمالي الكيني لنفس العام. في السابق كان 6% من الكينيين فقط يتعاملون مع المصارف واصبح الان عددهم يقارب 90% ممن يتعاملون عبر الهاتف السيار مع النظام المصرفي الذي اتيحت له قدره فائقة للتعامل مع السيولة بأيدي المواطنين وإعادة تدويرها واستخدامها في سائر وجوه الأعمال. ودخلت كافة الخدمات غير تحويل الأموال المباشره إلى استخدامات الهاتف السيار . فدخلت كل المعاملات التجارية لشراء السلع من عشرات الآف المتاجر ودخلت كل الخدمات الصحيه والتأمين الصحي والتأمين الإجتماعي والتمويل الأصغر . كما دخلت أصناف من الإئتمان المصرفي الذي أصبح في مكنة الأهالي الذين لم يعتادوا في الماضي على هذه التعاملات. وفي كينيا وقع حوالي خمسة وعشرين مصرفاً إتفاقات مع (أم بيسا) مما يتيح للمتعاملين إيداع وسحب الأموال من حساباتهم المصرفيه عبر الهاتف.  وأصبح بذلك في مقدور المصارف تقديم خدمات فورية لغير المتعاملين مع المصارف. فالمصرف أصبح محمولا بواسطة تقنية الجزدان الإليكتروني (E-Wallet) وصاركل مواطن يحمل حسابه في جزدانه الاليكتروني المتصل بمصرف من المصارف المتعاقدة مع الشركات الهاتفيه التي تقدم الخدمه. وتتم إدارة الخدمه بواسطة وكلاء شركات الاتصالات في غاية السهولة. فالمشترك يسجل إسمه لدى وكيل شركة الهاتف النقال ويتلقى الوكلاء الأموال ويقومون بتحويلها إلى حساب المشترك على الهاتف بحد أدنى للايداع قابل للزيادة حسب الخدمات التي يتوقع المشترك الإستفادة منها،وبعد ذلك يصبح بإمكان المشترك استخدام (جزدانه الإلكتروني) لإرسال الأموال أو تلقيها أو دفع الدفعيات للمتاجر أو المصارف أو شركات التأمين أو خدمات المهنيين والحرفيين طالما كانت تلك الأطراف ذات إشتراك في الخدمه.
وفي كينيا خدمات (ام بيسا) متوفره في غالب المتاجر الكبرى فأصبح المواطن لا يحتاج إلا لهاتفه النقال ليدفع فاتورة ما يشتري ويمكنه أن يدفع أجرة سيارة الأجرة وأجرة الطبيب ودفع تأمين السيارة والتأمين الصحي وأقساط القرض المصرفي . وما إلى ذلك باستخدام الهاتف لاغير.
كيف أدى ذلك إلى تحولات ملحوظه في الاقتصاد الكيني وكيف دفع عمليات السيطره على السيوله وتوسيع دائرة التمويل وتوسيع دائرة التشغيل وكيف يمكن لهذه الوسيلة أن تتحول لاداة فاعلة لتحقيق تعافى الاقتصاد السودانى فذلك موضوع الجزء التالي في هذه المقاله.



نواصـــــــــــــــــــــــــــــــــل،،،