وردتني سؤالات وملاحظات حول ما سبق من مقالات حول إستخدام
تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار غالبها يسأل عن فوائدها للاقتصاد بصورة
عامة وعن أثرها على الفقراء على وجه الخصوص. وقد كان الحافز الرئيس لكتابة هذه
المقالات والمغزى الاساس للاهتمام بشأن هذه التقنية الجديدة هو أن التجربة دلت على
أثرها الفاعل في إدخال طوائف واسعة من محدودي الدخل والفقراء إلى دائرة التعامل مع
المصارف . ومن ثم الانتفاع من خدمات التمويل التي تقدمها المصارف والتي اقتصرت الى
حد بعيد قبل إستخدام هذا التطبيق المتصل بمناقلة الأموال عبر الهاتف السيار على
تمويل الأغنياء والمقتدرين.
وقد ختمت المقال الثالث بعدد من الأسئلة والأجابة عليها هى
مادة هذا المقال الأخير في هذه السلسلة . والسؤال الأول هو كيف يمكن للفقراء ان
يحصلوا على منافع من المصارف اذا كانت غير منتشرة في أريافهم وبواديهم وأحيائهم
القصية . وتكمن الأجابة في كون التقنية الجديدة تستخدم ما يعرف بالمحفظة الإلكترونية والتي يدخر
فيها المتعامل ما يستطيع إدخاره بارساله عبر أرسال رصيد إلى هذه المحفظة ثم هو
ينفق منها من بعد على دفعياته . وذلك مثل ارسال رصيد لشخص مال أو دفع فاتورة أو
شراء إحتياجات من متجر أو دفع أقساط لمدرسة أو لشركة تأمين أو دفع أتعاب لعيادة أو
سائق أجرة. وفي بلد مثل كينيا حيث أنتشرت هذه الخدمة أصبح بامكان الشخص البقاء
لمدة شهر كامل دون استخدام النقود أو الشيكات المصرفية إعتماداً على أنجاز كل
دفعياته من خلال المحفظة الإليكترونية . ثم أن هذه المحفظة الإلكترونية يمكن ان
تكون الأموال فيها مستحفظة لدى شركة الاتصالات كما كان الشأن فيما عرف في كينيا
بأم بيسا (M-PESA) أو مستأمنة لدى البنك فيما
عرف فيما بعد في كينيا بأم كيشو (M-Kesho) . ففي الحالة الأولى تكون الأموال لدى شركة الاتصالات والتي هي
بدورها تحفظ هذه الأموال في المصارف . وفي الحالة الثانية والتي اختارها بنك
السودان والزم المصارف وشركات الاتصالات ان تعمل بها من خلال شراكة ثنائية اجبارية
تكون الأموال في المصارف . وتستطيع المصارف من خلال فوائض هذه الأموال المستودعة
لديها ان توسع دائرة التمويل المصرفي . وبخاصة للفقراء عبر التمويل الصغير
والتمويل الأصغر. وإذا توفرت هذه الأموال
لدى المصارف فأن المُكنة للتمويل لدى المصارف سوف تتضاعف ليس لتراكم هذه الأموال
لديها عند استخدامها بواسطة العملاء بل لأن وجود هذه الأموال يشكل قاعدة للائتمان
والضمان البنكي الذي يتيح صنع أموال إليكترونية . وذلك بذات الطريقة المستخدمة لدى
بطاقات الدفع مثل الفيزا والماستر كارد وامريكان اكسبرس وغيرها من بطاقات الدفع
الإلكتروني . وفي هذه الحالة فان الهاتف يصبح هو بطاقة الدفع الإلكترونية. علماً
بأن بطاقات الدفع نفسها قد باتت تستخدم الهاتف بديلاً عن البطاقات . وسوف تجد في متجر
تطبيقات (الاندرويد) و(أي فون) تطبيقات بطاقات دفع الفيزا و (بيي بال) وغيرها .
واتصالاً للاجابة على السؤال فان وكلاء شركات الاتصالات المنتشرة في كل أنحاء
القطر هم الذين سوف يقومون بالإجراءات
الأولية لأدخال الخدمة في الأرياف والبوادي . وتعليم الناس كيفية التعاطي معها كما
حدث في خدمة تحويل الرصيد التي أصبحت الآن بديلاً موثوقاً للحوالات المصرفية
والبريدية . وانتشار الخدمة على مدى واسع مع ما توفره من فوائض ضخمة لدى المصارف
وما تتيحه من فرصة لتخليق الأموال الإلكترونية سوف يوسع دائرة التبادلات
والمعاملات الاقتصادية ويدفع بالتنمية لتتحرك بخطى متسارعة. وبذلك ندرك ان مناقلة
الأموال عبر الهاتف السيار ليست مجرد وسيلة دفع بل هي اختراع تقني يعين على ملء
الفجوة في التأمين والإئتمان المالي . ويوسع دائرته ليصل إلى خدماته من كانوا
محرومين من هذه الخدمات التي لا يكون الاقتصاد عصرياً إلا بواسطتها . فلم يعد
مفهوم المال في زماننا المعاصر هو ذات المفهوم الذي كان سائداً في الماضي . بل ان
صناعة الأموال بواسطة المصارف والوكالات المالية أصبحت هى الاطار الذى يصنع اموالاً طائلة يستأثر بها المتعاملون مع
المصارف والوكالات وحدهم ويُحرم منها السواد الأعظم من الناس بل يكتون بنارها
اللاهبة.
ذلك ان صناعة الأموال وتمكين الأثرياء من استخدامها يؤدي
الى تضخم السيولة سواء كانت نقدية أو إلكترونية بأيدي الأغنياء . مما يؤدي في
علاقته بالمعروض من السلع والخدمات إلى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد وارتفاع
الاسعار الذي يكتوي بناره المحرومين من الفقراء دون الأغنياء. ولاشك أن اعتماد هذه
التقنية الجديدة سوف يساعد في خفض التضخم . أولاً لأنه سوف يسحب الأموال من
الأيادي إلى محافظ إدخارية إليكترونية وبذلك يتوسع الأدخار على حساب الإستهلاك فينخفض
التضخم. كذلك فأن توفير أموالالهاتف السيار لتمويل الفقراء عبر التمويل الصغير
والتمويل الأصغر يوسع إلى مدى بعيد دائرة المنتجين . مما يعني زيادة واسعة في
انتاج السلع والخدمات وتوسع دائرة الخدمات والسلع يعني توسعاً في الإقتصاد الحقيقي
. مما يعني بصورة تلقائية بسبب زيادة عرض السلع والخدمات الى تراجع نسب التضخم
العالية. وهكذا فان تراجع المعروض من السلع والخدمات واتساع دائرة التشغيل عبر
التمويل الصغير والأصغر سيؤدي بالنتيجة إلى تسارع النمو التنموي . وهذا ما لوحظ في
جميع البلدان التي أتسع فيها إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار . وبخاصة
في بلدان مثل البرازيل والفلبين وبنجلاديش وكينيا وتنزانيا وبلدان كثيرة أخرى. وهنالك
بلاد أخرى قررت خوض التجربة لتسريع النمو الاقتصادي وعلى رأس تلك البلاد الأفريقية
جمهورية مصر العربية التي أدخلت الخدمة في ذات الوقت الذي أعلن فيه عن ادخالها في
السودان . ولاشك أن للخدمات فوائد كثيرة أخرى قد يكون أحدها زيادة تحويلات
المغتربين خاصة بعد معالجة المشكلة مع المصارف الأجنبية التي تتراسل مع مصارف
محلية . ولاشك أن توسع موجودات المصارف السودانية سوف يُعظم من الثقة فيها ويجعل
التعامل معها جاذباً للمصارف العالمية التي قد تتراسل معها. كذلك فان توسيع خدمات
التأمين عبر استخدام هذه التقنية الجديدة سوف تتمظهر فوائده في اتساع الخدمات
وتجويدها وتوسع دائرة التشغيل . خاصة اذا توسع التأمين في مجالات تأمين الزراعة
والصناعات وسائر الخدمات الأخرى. كذلك فإن تصميم بنك السودان على جعل المصارف
مركزاً وقاعدة للخدمة سيوفر الضمانات الكافية لانفاذ السياسات النقدية التي سوف
يؤدي تنفيذها إلى استقرار ملحوظ في سعر العملة الوطنية وخفض معدلات التضخم وزيادة
انتاج السلع والخدمات وزيادة نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي . وبالتالي توازن
الميزان الخارجي ليفتح أفقاً واسعاً لتعافٍ سريع للاقتصاد الوطني.
أنتهى ،،،
د. أمين حسن عمر
وردتني سؤالات وملاحظات حول ما سبق من مقالات حول إستخدام
تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار غالبها يسأل عن فوائدها للاقتصاد بصورة
عامة وعن أثرها على الفقراء على وجه الخصوص. وقد كان الحافز الرئيس لكتابة هذه
المقالات والمغزى الاساس للاهتمام بشأن هذه التقنية الجديدة هو أن التجربة دلت على
أثرها الفاعل في إدخال طوائف واسعة من محدودي الدخل والفقراء إلى دائرة التعامل مع
المصارف . ومن ثم الانتفاع من خدمات التمويل التي تقدمها المصارف والتي اقتصرت الى
حد بعيد قبل إستخدام هذا التطبيق المتصل بمناقلة الأموال عبر الهاتف السيار على
تمويل الأغنياء والمقتدرين.
وقد ختمت المقال الثالث بعدد من الأسئلة والأجابة عليها هى
مادة هذا المقال الأخير في هذه السلسلة . والسؤال الأول هو كيف يمكن للفقراء ان
يحصلوا على منافع من المصارف اذا كانت غير منتشرة في أريافهم وبواديهم وأحيائهم
القصية . وتكمن الأجابة في كون التقنية الجديدة تستخدم ما يعرف بالمحفظة الإلكترونية والتي يدخر
فيها المتعامل ما يستطيع إدخاره بارساله عبر أرسال رصيد إلى هذه المحفظة ثم هو
ينفق منها من بعد على دفعياته . وذلك مثل ارسال رصيد لشخص مال أو دفع فاتورة أو
شراء إحتياجات من متجر أو دفع أقساط لمدرسة أو لشركة تأمين أو دفع أتعاب لعيادة أو
سائق أجرة. وفي بلد مثل كينيا حيث أنتشرت هذه الخدمة أصبح بامكان الشخص البقاء
لمدة شهر كامل دون استخدام النقود أو الشيكات المصرفية إعتماداً على أنجاز كل
دفعياته من خلال المحفظة الإليكترونية . ثم أن هذه المحفظة الإلكترونية يمكن ان
تكون الأموال فيها مستحفظة لدى شركة الاتصالات كما كان الشأن فيما عرف في كينيا
بأم بيسا (M-PESA) أو مستأمنة لدى البنك فيما
عرف فيما بعد في كينيا بأم كيشو (M-Kesho) . ففي الحالة الأولى تكون الأموال لدى شركة الاتصالات والتي هي
بدورها تحفظ هذه الأموال في المصارف . وفي الحالة الثانية والتي اختارها بنك
السودان والزم المصارف وشركات الاتصالات ان تعمل بها من خلال شراكة ثنائية اجبارية
تكون الأموال في المصارف . وتستطيع المصارف من خلال فوائض هذه الأموال المستودعة
لديها ان توسع دائرة التمويل المصرفي . وبخاصة للفقراء عبر التمويل الصغير
والتمويل الأصغر. وإذا توفرت هذه الأموال
لدى المصارف فأن المُكنة للتمويل لدى المصارف سوف تتضاعف ليس لتراكم هذه الأموال
لديها عند استخدامها بواسطة العملاء بل لأن وجود هذه الأموال يشكل قاعدة للائتمان
والضمان البنكي الذي يتيح صنع أموال إليكترونية . وذلك بذات الطريقة المستخدمة لدى
بطاقات الدفع مثل الفيزا والماستر كارد وامريكان اكسبرس وغيرها من بطاقات الدفع
الإلكتروني . وفي هذه الحالة فان الهاتف يصبح هو بطاقة الدفع الإلكترونية. علماً
بأن بطاقات الدفع نفسها قد باتت تستخدم الهاتف بديلاً عن البطاقات . وسوف تجد في متجر
تطبيقات (الاندرويد) و(أي فون) تطبيقات بطاقات دفع الفيزا و (بيي بال) وغيرها .
واتصالاً للاجابة على السؤال فان وكلاء شركات الاتصالات المنتشرة في كل أنحاء
القطر هم الذين سوف يقومون بالإجراءات
الأولية لأدخال الخدمة في الأرياف والبوادي . وتعليم الناس كيفية التعاطي معها كما
حدث في خدمة تحويل الرصيد التي أصبحت الآن بديلاً موثوقاً للحوالات المصرفية
والبريدية . وانتشار الخدمة على مدى واسع مع ما توفره من فوائض ضخمة لدى المصارف
وما تتيحه من فرصة لتخليق الأموال الإلكترونية سوف يوسع دائرة التبادلات
والمعاملات الاقتصادية ويدفع بالتنمية لتتحرك بخطى متسارعة. وبذلك ندرك ان مناقلة
الأموال عبر الهاتف السيار ليست مجرد وسيلة دفع بل هي اختراع تقني يعين على ملء
الفجوة في التأمين والإئتمان المالي . ويوسع دائرته ليصل إلى خدماته من كانوا
محرومين من هذه الخدمات التي لا يكون الاقتصاد عصرياً إلا بواسطتها . فلم يعد
مفهوم المال في زماننا المعاصر هو ذات المفهوم الذي كان سائداً في الماضي . بل ان
صناعة الأموال بواسطة المصارف والوكالات المالية أصبحت هى الاطار الذى يصنع اموالاً طائلة يستأثر بها المتعاملون مع
المصارف والوكالات وحدهم ويُحرم منها السواد الأعظم من الناس بل يكتون بنارها
اللاهبة.
ذلك ان صناعة الأموال وتمكين الأثرياء من استخدامها يؤدي
الى تضخم السيولة سواء كانت نقدية أو إلكترونية بأيدي الأغنياء . مما يؤدي في
علاقته بالمعروض من السلع والخدمات إلى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد وارتفاع
الاسعار الذي يكتوي بناره المحرومين من الفقراء دون الأغنياء. ولاشك أن اعتماد هذه
التقنية الجديدة سوف يساعد في خفض التضخم . أولاً لأنه سوف يسحب الأموال من
الأيادي إلى محافظ إدخارية إليكترونية وبذلك يتوسع الأدخار على حساب الإستهلاك فينخفض
التضخم. كذلك فأن توفير أموالالهاتف السيار لتمويل الفقراء عبر التمويل الصغير
والتمويل الأصغر يوسع إلى مدى بعيد دائرة المنتجين . مما يعني زيادة واسعة في
انتاج السلع والخدمات وتوسع دائرة الخدمات والسلع يعني توسعاً في الإقتصاد الحقيقي
. مما يعني بصورة تلقائية بسبب زيادة عرض السلع والخدمات الى تراجع نسب التضخم
العالية. وهكذا فان تراجع المعروض من السلع والخدمات واتساع دائرة التشغيل عبر
التمويل الصغير والأصغر سيؤدي بالنتيجة إلى تسارع النمو التنموي . وهذا ما لوحظ في
جميع البلدان التي أتسع فيها إستخدام تطبيقات مناقلة الأموال عبر الهاتف السيار . وبخاصة
في بلدان مثل البرازيل والفلبين وبنجلاديش وكينيا وتنزانيا وبلدان كثيرة أخرى. وهنالك
بلاد أخرى قررت خوض التجربة لتسريع النمو الاقتصادي وعلى رأس تلك البلاد الأفريقية
جمهورية مصر العربية التي أدخلت الخدمة في ذات الوقت الذي أعلن فيه عن ادخالها في
السودان . ولاشك أن للخدمات فوائد كثيرة أخرى قد يكون أحدها زيادة تحويلات
المغتربين خاصة بعد معالجة المشكلة مع المصارف الأجنبية التي تتراسل مع مصارف
محلية . ولاشك أن توسع موجودات المصارف السودانية سوف يُعظم من الثقة فيها ويجعل
التعامل معها جاذباً للمصارف العالمية التي قد تتراسل معها. كذلك فان توسيع خدمات
التأمين عبر استخدام هذه التقنية الجديدة سوف تتمظهر فوائده في اتساع الخدمات
وتجويدها وتوسع دائرة التشغيل . خاصة اذا توسع التأمين في مجالات تأمين الزراعة
والصناعات وسائر الخدمات الأخرى. كذلك فإن تصميم بنك السودان على جعل المصارف
مركزاً وقاعدة للخدمة سيوفر الضمانات الكافية لانفاذ السياسات النقدية التي سوف
يؤدي تنفيذها إلى استقرار ملحوظ في سعر العملة الوطنية وخفض معدلات التضخم وزيادة
انتاج السلع والخدمات وزيادة نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي . وبالتالي توازن
الميزان الخارجي ليفتح أفقاً واسعاً لتعافٍ سريع للاقتصاد الوطني.
أنتهى ،،،