الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

هسا...وقروشي والمحفظة خطوة نحو التعافي الاقتصادي




                 الخبر الحسن ان خدمة مناقلة الاموال عبر الهاتف السيار تتطور بالسرعة الفائقة التي توقعنا . فمنذ بدء كتابة هذه المقالات أعلن اكثر من مصرف انه بصدد تقديم الخدمة شراكة مع واحدة من شركات الهاتف السيار. فقد اعلنت أربعة مصارف متضامنة تقديم خدمة المحفظة لتنضم هذه الخدمة الجديدة الي خدمتي هسا وقروشي اللتين يقدمها بنك الخرطوم مع شركة زين و بنك فيصل الاسلامي مع شركة سوداني . ولربما هب من يسأل لماذا نبدى كل هذا الاهتمام بهذه الخدمة المصرفية ؟ والإجابة يسيرة وهي اننا نعتقد مستندين الي افضل تجارب الدول انها ذات اثر حميد وسريع علي الاقتصاد. وقد يلي السؤال سؤال  من أين تأتي هذه الاثار الحميدة؟وقد يلي السؤال سؤال من هم المستفيدون من هذه الثمار الجيدة لتطبيق الخدمة؟ويليه سؤال كيف يحدث ذلك؟ 

صنع الأموال :
               كان المال في الماضي يتمثل في السلع والخدمات التي يحتاجها الانسان فينتجها . ولما لم يكن كل انسان بقادر علي انتاج وتلبية كل احتياجاتة من السلع والخدمات نشأت التبادلية والمقايضة . فالسلعة مقابل السلعة والخدمة مقابل الخدمة . ولما لم تكن الخدمات والسلع متكافئة دائماًبسبب ندرة السلعة او عظم ما يُبذل فيها من جهد اختار الناس سلعتين هما الذهب والفضة ليكونان معيارا لتقدير قيمة السلع والخدمات. ولم يكن الاختيار ضرب عشواء بل كان لأن البشر جميعا تتعلق قلوبهم بهاتين السلعتين . وذلك رغم كونها من السلع الكمالية التي لا تستهلك في ذاتها ولا تفني مع مرور الأزمان.كذلك فانه من السهل معرفة الخالص من المخلوط والصحيح من الزائف منهما . ولذلك صارت معرفة النقدين الذهب والفضة رمزا للبصيرة الثاقبة في معرفة الجيد من الردىء من كل شىء وكل فعل وكل قول.  واستمر الحال علي هذا المنوال في كل مكان وكل عصر. حتي سولت العجرفة والعنجهية والاسنبداد للولايات المتحدة الامريكية في العام ١٩٧٠ أن تعلن للعالم ميلاد عصر جديد وان عصر الذهب ولى وأن المعيار الجديد هو العملة الامريكية بلا غطاء ذهبي .فعلت أمريكا ذلك استخفافا بالعالم فأطاعتها غالب دول العالم ثم كلها من بعد .ذلك ان رجال الاعمال في العالم لم يكن يسعهم الاستغناء عن أكبر أسواق العالم شراء وبيعا. وهكذا صار بإمكان دولة واحدة في العالم ان تسيطر علي التسعير اى المكنة  لإعطاء السلع والخدمات القيم التي تلائم مصالحها أى مصالح أمريكا . ولم يقف الامر عند هذا الحد فبعد ان كانت قيم السلع والخدمات ثابتة بثبات النقدين اصبحت كل النقود اصطلاحية. ونعني بذلك ان ثلة من المضاربين بوسعهم ان يرتقوا بقيمة سلعة من السلع ويمكنهم ان يهووا بها الي أسفل سافلة السلع . وليس لذلك علاقة بالضرورة بالندرة والوفرة . ولا بأقدار العمل المطلوب لإنتاجها بل لمجرد معلومة أو شائعة تصح او لا تصح او لأن وكالة من وكالات المال أعطتها تصنيفا معينا او توقعت لها مستقبلا زاهرا او قاتما. وهكذا اصبح صنع القيم النقدية  صناعة كبري بل أصبح أكبر صناعة عرفتها البشرية. ومن يمارى فلينظر الي أرباح ما يعرف بأسواق المال وكم تتدفق فيها من ترليونات ألدولارات. واصبح المغزي من صنع الاموال هو صنع الفقر .فالمال الاعتباطي والتسعير الاعتباطي يكون فيه الخاسرون هم الضعفاء الفقراء

صناعة المال وصناعة الفقر :
                            لا يحتاج الأمر الي إطناب ولا إسهاب فلئن كنت تملك المال فانت تملك السوق . وان كنت تملك السوق فانت تملك المعروض فيها من سلع وخدمات. يمكنك ان تغلى أسعارها متي شئت وأن ترخصها متي شئت .فاما الخاسرون فهم أولئك الفقراء الذين لا يملكون الا جهد عملهم . ذلك الذي أصبح السلعة الأرخص. وانتشرت مصانع الأموال من بورصات ومصارف وكالات تأمين ووكالات تصنيف . ولا يملك هذه الوكالات الا الفئة الباغية الثرية التي لا يتجاوز أفرادها الواحد بالمائة وتملك خمسين بالمائة من ثروة البشرية . ولا يتعامل مع مصارفها ووكالاتها وشركاتها المالية الا القلة القليلة من الناس . وغذا عو الحال بخاصة في بلدان العالم الثالث.ولذلك يلزم القول ان من لا يتعامل مع وكالات صنع النقود وعلي راسها المصارف والبورصات فانه سيصبح بلا شك الطرف المغبون. ومن المعلوم ان السواد الأعظم من الانتاج والتجارة في العالم يعتمد علي ضمانات وائتمان تقدمه المصارف . وغالب ذلك التمويل مال مفترض يقوم علي الثقة والاعتماد . ولا يقوم علي توفر تلك الاموال في المصارف بالفعل. وتزيد الاعتمادية بقدر ثقة الجمهور ليستامن المصرف علي حفظ ماله او مناقلته أو استثماره. ولما كان الحال كذلك فانه يعني أن ثلة قليلة تستفيد من المال المصنوع مصرفيا لتوسيع أعمالها وتعظيم أرباحها . وأما الغالب من الناس فيحرمون .لالانهم لا يريدون  المزابنة للمصارف ووكالات الاموال بل لان هذه المصارف  أسست من الناحيتين التنظيمين والاجرائية لخدمة الأغنياء الأثرياء.فحسب لا غير . ولقد ظلت الأحبار تهرق والدراسات تعد للإجابة علي سؤال كيفية أخراج الفقراء من داترة المحرومية من الخدمة المالية وإدخالهم الي عالم التعاطي مع مال الائتمان والضمان. فنشأت مصطلحات مثل بنوك الفقراء والتمويل الصغير والتمويل الأصغر . وكانت كلها أفكار جيدة ولكنها لا تصمد عند الممارسة.ذلك ان أهل المال ملة واحدة وهم يتآزرون علي سد الطريق علي أمواج الفقراء و التي ان تكاثرت علي أبواب المصارف فإنه التسونامي الذي لا يبقي ولا يذر.ولذلك كان البحث دائماً عن العوائق لا عن الجسور وعن المشكلات لا عن الحلول .

الهاتف السيار جاء بالحلول:

                            كان السؤال الاول كيف للفقراء ان يحصلوا علي منافع البنوك ان كانوا لا يتعاملون معها وهي بعيدة المنتأي من بواديهم وأريافهم بل وحتي أحيائهم التي يزعم الزاعمون انها لا يتوفر فيها الأمن لمؤسسات مالية ؟ والسؤال الاخر هو كيف تكفي الاموال لتمويل العدد الغفير من الناس وهي لا يضع المال فيها الا القليل منهم؟ والثالث هو سؤال الضمانات للأموال التي تعطي تمويلا لمن لا يملك ضمانا الا جهد عضله وحسن خلقه. وقد جاء الهاتف السيار بالاجابات كلها لهذه السوالات .كيف كان ذلك هو موضوع المقالة الخاتمة لهذه المقالات في الاسبوع القادم بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق