Google:
'via Blog this'
'via Blog this'
قديماً قيل أن الإنسان حيوان مدني وقد عنوا بالمدنية قدرة الإنسان على العيش في جماعة منتظمة حسب أعراف تعارف عليها الناس لتصبح السنن الجارية فيهم والشرائع الحاكمة لتصرفاتهم الفردية والجماعية . وقد قدمنا أن السياسة هي التصرفات التي يُقصد بها درء المفاسد كما تعرفها الأعراف والشرائع وجلب المنافع كما تعرفها الأعراف والشرائع والطبائع المعتدلة. وفيما مضى من حديث قلنا أن الإصلاح ليس فعلاً واحداً يفعل ولا حدثاً عابراً يمر وإنما هو نسق مستمر يهدف إلى تحقيق المصالح وتعظيمها وتفويت المفاسد ودرءها ، وتحدثنا أن الإصلاح مثلما يكون من أعلى عملاً تقوم به القيادة والإمامة فهو يكون من أسفل عملاً يقوم به المأمومين. وتحدثنا عن ثقافة الإصلاح في الوحدة الأساس الاجتماعية وهي الأسرة ووعدنا بالحديث عن الوحدة الأساس السياسية وهي المحلية أو المحلة حيث تتلامس السلطة مع عامة الناس.
الحكم المحلي:
المحلة أو المحل شيء واحد واللغة العربية تستخدم التذكير والتأنيث في كل مؤنث أو مذكر مجازي. وأما الحكم فنعني به القدرة على إصدار توجيهات وقرارات ملزمة لمن تصدر في حقهم وذلك بغرض إحكام الأمور وتدبيرها على الوجه الأسلم . درءاً لكل مفسدة وطلباً لكل مصلحة ومنفعة، ولا نقصد بالحكم المحلي في هذا المقام المستوى الدستوري الموصوف بذلك وأن كنا لا شك بالغيه في مرحلة من مراحل تطور الكلام. ولكننا نقصد به أدنى مستوى معبر عن السلطة ذات الشوكة وملامس للعامة من المواطنين. وهو بهذا أقرب إلى ما كان يعرف بالإدارة الأهلية وكذلك الإدارة المسماة مجالس بلدية ومجالس ريفية . وهي في أيامنا هذه تسمى بالوحدات الإدارية. وعند هذا المستوى اليوم يكتنف الغموض أمر السلطة من حيث كيفية اختيارها وتحديد اختصاصاتها وصلاحياتها . كما يكتنف مواردها المالية وعدد العاملين بها ونوعية مكافآتهم. وفوق هذا المستوى يأتي في أيامنا هذه المستوى الذي نسميه بالمحلية ونسمي كبير الاداريين بها معتمداً . ونجعل له مجلساً تشريعياً لإصدار القوانين واللوائح بحسب منصوص الدستور. بيد أن هذا المستوى أيضاً يكتنفه الغموض بدءاً من اسمه إلى اسم الإداري الأول فيه إلى مجلسه التشريعي غير المحدد وصفاً ولا عدداً ولا صلاحية . وليس من شيء أفسد لأمر السياسية من الغموض فيما يجب التصريح والتوضيح فيه . ولذلك فلا عجب أن أضعف حلقات نظامنا السياسي وأكثرها إهداراً للموارد وأقلها درءاً للمفاسد وجلباً للمصالح هو مستوى السياسة المحلية. فلا قواعد معلومة على مستوى الدستور الاتحادي توضح أسس تأسيس الوحدات الإدارية والمحليات ، ولا يوجد مثل هذا التحديد حسب ما انتهى إليه علمي في دساتير شتى الولايات وانما هي أمور تقديرية كثيراً ما تخضع لضغوط الجماعات المحلية وبخاصة في مواسم التنافس الانتخابي.
إصلاح الوحدة الأساس:
ونعني بها ما كانت تمثله الإدارة الأهلية أو المجالس البلدية او المجالس الريفية . ومقترحنا هنا أن نعود إلى المسميات القديمة لتعريف هذا المستوى الملامس لعامة المواطنين بتسميته مجالس بلدية أو مجالس ريفية . وتتطابق المجالس الريفية مع مسميات الإدارة الأهلية فحيث توجد إدارة أهلية فيكون الناظر أو العمدة هو السلطة المعتمدة في المجالس الريفية . وتكون سلطته من حيث الوصف والصلاحية والاختيار موصوفة بالقانون ومراعية للعرف الأهلي. وأما المجالس البلدية فتكون في البلدات والمدن، وتكون السلطة المعتمدة فيها بالانتخاب لا الاختيار . وأن لا يسمح في هذا المستوى بالتنافس الحزبي وإنما يكون بالانتخابات على أساس الأهلية مثل انتخاب القضاة والنواب العامين وقادة الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية . وتكون دورة التكليف قصيرة لا تتجاوز العامين لُيضمن الرجوع للمقترعين إثباتاً للتكليف أو نزعاً له . وعند هذا المستوى يجب تقديم الخدمات الأساس من توفير للتعليم والصحة والمياه النقية والخدمات البيئية. والأخذ بهكذا مقترح سوف يعيد تعريف سلطة الإدارة الأهلية لتصبح مطابقة لسلطة المجالس الريفية . كما تفتح الطريق للكفاءات المحلية على مستوى البلديات لقيادة التطور المدني في تلك البلدات والمدن.
المحافظات بديلاً للمحليات:
ومثلما اقترحنا العودة للمجالس البلدية والمجالس الريفية نقترح العودة إلى نظام المحافظات على أن يُعتبر هذا المستوى هو المستوى الدستوري الثالث المنتخب من الشعب . حيث ينتخب الناس مجالس المحافظات كما ينتخبون المحافظين واللذين يصبحون بحكم مواقعهم أعضاء بمجلس وزراء الولايات . وانتخاب المحافظين ومجالس المحافظات وتعريف صلاحيات المحافظ والمجالس بصورة دقيقة هو ما سيحقق الاصلاح المنشود للفوضى الضاربة الأطناب في كثير ما يسمى الآن بالمحليات . حيث يتعاظم هدر الموارد ويتضاءل تقديم الخدمات. ولابد أن تكون الدورات الإنتخابية للمجالس والمحافظين عند هذا المستوى مطابقة للدورات الانتخابية لمجالس الولايات. كما يتوجب إنشاء نظام لقسمة الموارد بين الولاية والمحافظة مع تحويل المحليات الصغرى إلى مجالس بلدية أو مجالس ريفية تقليلاً لعدد المحافظات . ووضع أسس بالدستور الاتحادي والدستور الولائي لإنشاء المحافظات ولمهامها ولمواردها وسلطاتها المحلية. كما يوضع نظام لقسمة الموارد بين المحافظات والمجالس البلدية والمجالس الريفية مع تطوير التشريعات المالية الحاكمة للتصرف في المال العام على هذا المستوى . وجعل عضوية مجلس البلدية والمجالس الريفية تطوعية . فهي ليست بمجالس تشريعية وإنما هي مجالس مراقبة ومساعدة لرئيس المجلس سواء كان من الإدارة الأهلية أو الإدارة المدنية. ولربما يستهين البعض بممارسة السياسة والحكم عند هذا المستوى ، ولو يعلمون فإن صلاح السياسة في غالبه انما يعتمد على صلاحها عند هذا المستوى . وتوليد القيادات إنما يبدأ عند هذا المستوى فرؤساء مثل أردوغان واحمدي نجاد وجاك شيراك انما صعدوا لسدة الحكم من مجالس البلدات والمدن. لأن ممارسة السياسة عند هذا المستوى هو ممارسة السياسة الحقة التي هي إصلاح شأن الناس وتقديم الخدمات لهم ودفع المضار والمفاسد عنهم . والحكام عند هذا المستوى هم على المجرب اليومي وعلى المحك والتلامس المستمر مع الرأي العام . فأما علت بهم سياستهم أو جرت عليهم سنة الاستبدال.
إصلاح السياسة من أدني فأعلى:
أنما مثل السياسة مثل شجرة طيبة أو هي كشجرة خبيثة . فإن كان أصلها ثابت في الأرض متصل بالجذور الشعبية قويت واشتد ساقها وتطاول نحو السماء فرعها وإن كانت معلقة فوق السطح بلا جذور تغور في الأرض اجتُثت من فوق الأرض لأول جائحة أو إعصار . ولذلك فإن إصلاح السياسة يقتضي إدارة الحوار وإعادته حول كيفية أصلاح ممارسة السلطة والسياسة على المستوى الأدنى . و نقصد بذلك إصلاحاً تخطيطاً وتشريعاً وممارسة وتوفيراً للموارد المالية والموارد البشرية والقدرة والدُربة والكفاءة وليس تحقيق هذا الأمر بعسير المنال . ودون تحقيق هذا يطول الكلام ويقل العمل ويبقى حديث لإصلاح حديث ملامة ومكايدة ومزايدة وما حصاد ذلك إلا حصاد الهشيم.
إنتهـــــــــــــــــــــــــــــــــي،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق