السبت، 26 نوفمبر 2011

المؤتمر الوطني..تجديد الذات الحزبية

'via Blog this'ينعقد المؤتمر العام للمؤتمر الوطني في دورته النصفية في ظروف متميزة. وهي ظروف تحفل بالتحديات والفرص وكثير من التوقعات والتطلعات من الشعب وأعضاء الحزب علي وجه سواء. وقد يصح النظر إلي المؤتمر العام الذي هو مؤتمر تنشيطي ليس موجهاً لبناء المؤسسات علي أنه يقل أهمية عن مؤتمر البناء المؤسسي. بيد إن الأمر في هذه المرة مختلف إلي حد ما. فإن إقبال السودان جميعاً علي مراجعات مهمة توطئة لإقرار دستور جديد يقتضي إجراء مراجعات مهمة قبل ذلك في المؤتمر الوطني الذي يُتوقع منه أن يقود مسيرة المراجعة وإعادة التأسيس. ولذلك فان انعقاد المؤتمر العام في مثل هذه الظروف يقتضي إبداء اهتمام عظيم بأجندة ومخرجات هذا المؤتمر التاريخي. وأول مقتضيات هذا الاهتمام إتاحة فرصة حقيقية لحوار صريح وشفاف وناقد لموجهات عمل الحزب ولسياساته وإجراء تقويم دقيق ورصين لأداء الحزب وقدرته علي الحفاظ علي الثقة الغالية والكبيرة التي نالها من جمهور الشعب السوداني في انتخابات العام الماضي.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا:
والقول المأثور آنفاً هو من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم . والمحاسبة المقصودة هي المراجعة المستمرة لدي كل شخصية حقيقية أو شخصية اعتباريه لرؤاها ولأفكارها ولأدائها ولإعمالها . لأن الإعمال جميعاً مرئية لله سبحانه وتعالي ومرئية للشعب "وسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون". فمفهوم المراجعة والمحاسبة هو وسيلة كل إنسان لتجديد وجدانه وتجديد إيمانه . وتجديد رؤاه وتصويب نواياه وتحسين عمله . لأن الرضي عن النفس هو خلق إبليس لعنه الله وأبعده عن دولتنا وحزبنا وقيادتنا . وابعد عنا أعوانه من شيطان الأنس والجن. إن انعقاد المؤتمر الوطني فرصة انفقت لتحقيقها أموال كثيرة وجهوداً كبيرة . ولا يجب أن تضيع في المجادلة العقيمة أو المداهنة والمداجاة وتبادل عبارات التمجيد والتقريظ. لذلك فأنني أدعو الجهة المنظمة للمؤتمر أن تحرص علي التفرقة بين الجلسات العلنية للمؤتمر وبين جلسات التداول التي ينبغي أن تُبعد عنها الصحافة والإعلام والضيوف. وكل من هو ليس عضواً فاعلاً في المؤتمر وان يشجع الناس من خلال تحديد الأجندة المناسبة وتخصيص الأوقات الكافية وتحضير الأوراق الجيدة لإثراء التداول . ولإبراز الخيارات في السياسات وإبداء اهتمام اكبر بمضمون المخرجات التي يتوجب أن تتصل اتصالاً عضوياً بما يتوقعه الشعب السوداني وقاعدة المؤتمر الوطني من هذا الاجتماع الكبير والمهم والخطير.
يتوجب أن يشار إلي هذا المؤتمر فيما بعد بحسبانه المؤتمر الذي نقل حزب المؤتمر الوطني من حالً الي حال جديدومن مرحلة الى مرحلة أخرى . وأزال كثير من الغموض في السياسات وحرك من جمود كثير من القطاعات والمؤسسات. وشهد مولد الكثير من القيادات وطرح العديد من الأفكار في ساحته الحزبية وفي الساحة السياسية العامة علي حدٍ سواء. ان التحديات الكبرى هي التي تصنع القيادات العظيمة . ولئن كان المؤتمر الوطني يواجه تحديات كبيرة في إعادة تأسيس النظام الدستوري بما تؤسس للاستقرار وفاعلية المؤسسات السياسية وفي إعادة تنظيم الاقتصاد الوطني لتجاوز عنق الزجاجة التي دخلها بانفصال الجنوب وعجز قيادة الدولة الجديدة عن التجاوب مع سياسة التعاون الايجابي وترسيخ حسن الجوار. فانه كذلك يواجه تحديات التحولات الإقليمية وفرصها التي قد لا تتكرر . وكيفية الاستقواء بما يجري في الإقليم لا الإحساس بالانكشاف والضعف والتعرض للاحتمالات. يتوجب علي المؤتمر الوطني أن يحُسن قراءة المتغيرات المتسارعه داخلياً وخارجياً . وهي قراءة تستوجب الهدوء بل البرود التام . كما تستدعي تشاؤم النظر العقلي بأن لا نستبعد الاحتمالات الأسوأ فان سياسة التهوين من المهددات والمعوقات ليست بأقل سؤاً من سياسة التهويل لها. فلئن كان التهويل يؤدي إلي إساءة استخدام الموارد وإضعاف الروح المعنوية وإفشال نظام الأولويات فان التهوين من التحديات والمعوقات يفضى إلى ضعف الاستعداد للمجابهة . ويؤدي الى الارتباك الناشئ عن التفاجؤ بمتغيرات ما كان يجب أن تكون سبباً للمفاجأة. بيد انه في جميع الأحوال يجب علي الحزب أن يتحلي بالثقة في النفس والاعتداد بالقدرات والتيقن بإمكانية العبور فوق كل العوائق والوصول رغم كل التحديات. فلئن كان يطلب عند النظر تشاؤم القراءة فانه عند العمل لابد من تفاؤل الإرادة . تفاؤلاً يبعث على الثقة لدى القواعد ولدى الشعب.
الخطاب السياسي.. قولاً وعملاً
والخطاب السياسي واحد من الأمور التي يتوجب أن تخضع لمراجعة دقيقة ولدراسة رصينة. وان ندرك أن خطاب الأحزاب لقواعدها ولشعبها ليس بالكلمات الطنانة ولا بالخطب الرنانة. وإنما بوضوح الأفكار وجلاء السياسات والجرأة في الطرح والقدرة علي الاعتراف بالخطأ ومراجعته. والخطاب رغم أن الأوضح في شأنه هو القول والكلام فإن الأحزاب لا تخاطب الناس بأقوالها فحسب بل تخاطبهم بأعمالها أولاً . فالحديث عن النزاهة ومكافحة الفساد علي سبيل المثال يتوجب أن يترافق مع بناء مؤسسات فاعلة وشفافة وحائزه علي ثقة الشعب لتنهض بهذا الواجب . كما يجب أن يتصل بسياسة حازمة للمحاسبة العاجلة والناجزة والعادلة التي لا تري في المفسد إلا فساده وتعمي عن رؤية انتماءاته الاجتماعية والحزبية والسياسية. والحديث عن رفع المعاناة عن الناس يجب أن يرتبط بسياسة اقتصادية تقوم علي أساس إستراتيجية منحازة للضعفاء في سياساتها الضريبية وفي دعمها الاجتماعي وفي سياساتها التمويلية والتشغيلية. فلا ينبغى أن يتساوي الغني والفقير عند استقطاع أية ضريبة أو رسم. ولا يجب أن يكون الدعم للغني والفقير علي حدٍ سواء لأنه حينئذ سيكون منحازاً للأغنياء. فاستهلاك الأغنياء من كل سلعة مدعومة هو أكثر واكبر بكثير من استهلاك الفقراء. ولا يجب في سياسات التمويل أن تُيسر الضمانات على الأغنياء وتُعسر علي الفقراء . وإنما يجب أن يطلب من الغني ما يضمن التزامه بالسداد وان تنشأ الصناديق ومؤسسات التأمين بما يساعد علي تدفق التمويل للفقراء . وفي سياسات التشغيل يتوجب إلي جانب شروط المنافسة الأخري التي تحدد الكفاءة وتحاصر المحسوبية أن تُعطي نقاط لصالح تشغيل أبناء الفئات الأضعف والأفقر. ذلك أن المحسوبية لا تعمل إلا لصالح أصحاب الأموال أو أصحاب النفوذ ولا يشقي بها إلا من هو عاطل من المال والنفوذ علي حدٍ سواء.
لقد استمع الشعب السوداني طويلاً لخطابات وخطب كثيرة وطويلة ويتوجب علينا بعد الآن أن نلتزم بوصية رسول الله صلي الله عليه وسلم "رحم الله أمرءاً أمسك الفضل من قوله وأنفق الفضل من ماله" يتوجب علينا الاقتصاد في الكلام والاجتهاد في العمل . فإن فعلنا نزلت علينا الطمأنينة والثقة وطمعنا في رضوان الله ومن رضي عنه الله أرضي عنه الناس جميعاً ولو كان بعضهم له كارهون والله هو الموفق والمسدد والهادي إلي سواء السبيل.
إنتهـــــــــــــــــــــــــــــــــي،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق