السبت، 17 ديسمبر 2011

حصاد المؤتمر 2



أنهي المؤتمر الوطني أعماله باعتماد وثيقتين مهمتين . الأولي هي تعديلات النظام الأساس والتي هدفت إلي موائمة القانون الأساس للمؤتمر مع متغيرات الراهن السياسي ومستجداته. كما عملت علي دعم وجود وفاعلية القطاعات المتخصصة في الأجهزة القيادية للمؤتمر الوطني . وقد أوضحنا أهمية ذلك التعديل والذي يتيح للحزب أن يستفيد الفائدة القصوى من وجود آلاف الكوادر ذات التخصص الرفيع والخبرة الطويلة لإعداد السياسات أو مراجعة آثارها ومردودها العملي والسياسي. كذلك أشرنا في المقال السابق إلي إقرار المؤتمر الوطني لمنهجه الفكري الذي يبين رؤيته الوسطية لقضية تحكيم الشريعة الإسلامية وسعيه لتمليك هذه الرؤية لجمهور الشعب السوداني تمكيناً للمشروع الإسلامي وتعميماً لإثاره في الحياة الخاصة والعامة.
التحدي الذي نواجهه
هذا والي جانب شرح وتوضيح الرؤية الفكرية للمؤتمر الوطني أبانت ورقة (أفق جديد) التحدي الذي ينتصب بوجه السودان . والذي يتمظهر من بعد تبديه العام في تحديات تفصيليةفرعية . وذلك التحدى الكلى هو تحدي اغتنام سانحة التفويض الشعبي الكبير الممنوح للمؤتمر الوطني للانتقال من مرحلة تأسيس الدولة إلي رفع قواعدها علي هدى المشروع الإسلامي. وتمليك المشروع الحضاري للشعب من خلال إبراز منافعه للناس . ودوره في تحقيق الحياة الكريمة الطيبة لهم . وفي إقامة العدل الشامل وبسط الحرية الواسعة وترسيخ المساواة الشاملة . وتوسيع المشاركة الفاعلة وتعزيز النزاهة الكاملة ومحاربة كل وجوه الفساد. و يتفرع عن هذا التحدي الأكبر تحديات متفرعة عنه أهمها مجابهة العصبية والغلو بتقوية الروابط الدينية والوطنية . ومدافعة النعرات العرقية والقبلية والجهوية بل نبذ التعصب الحزبي والفئوي بتعزيز روح الأخاء الوطني وتحقيق وسطية الإسلام التي هي أصل العدل والشهادة .
ولن يكون ذلك متيسراً إلا برؤية شاملة للإصلاح . تهدف إلي تنقية الصف القيادي مما تسعي  الرؤية للتخلص منه في سائر المجتمع. وذلك بإنفاذ الإصلاح السياسي الشامل . وتعزيز البنية القيادية سواء في الحزب أو الدولة. وإجراء مراجعات معمقة للأداء السياسي والتنفيذي . وللسياسات العامة وتقوية هياكل الحزب والدولة التنفيذية والتشريعية والرقابية . ليقود المؤتمر الوطني تيار التغيير عبر الحوار والشراكة الوطنية مقصدا لاصلاح الحياة السياسية والحزبية في السودان. وتقوية هياكل الدولة تقتضي إعلاء مبدأ المؤسسية وبسط سيادة القانون . وتعزيز القدرات المؤسسية والفردية والارتقاء بالأداء المهني علي كل صعيد . وبخاصة في مجالات التشريع وإرساء العدالة. وتحقيق الشفافية والعلانية في الحزب والدولة . وإفساح السبيل لأهل العطاء وتوليد القيادات الجديدة وتصعيدها إلي مراكز اتخاذ القرار. وإتباع منهج المراجعة المستمرة والصارمة للأداء والقياس الدائم لنجاعة السياسات وحساب مردودها . وتطويرها لتفعيلها لاجتراح مسارات أسرع للنهضة والتنمية . ولسوف يؤدي الإصلاح السياسي الشامل إلي تقليل التوترات وعزل التمردات .  مما يعين علي المواجهة الحازمة والحاسمة واحتواء الآثار السالية لها . واستكمال العملية السلمية ببناء قاعدة متينة للسلم الأهلي . وإعداد القوة الرادعة لمن يستهين بهيبة السلطة أو الدولة. وتقوية النسيج الداخلي سوف تساهم في إعداد المجتمع والدولة لمواجهة تحدي العولمة والاختراق الخارجي والتدخل الأجنبي في شؤون الوطن . وتهيئته للتعامل الراشد مع تحدي ثورة الإعلام الجديد والفضائيات ولاتصالات .  التى تسعي لعولمة الأوطان علي مثال غربي مادي غريب علي معتقداتنا وهويتنا وتراثنا الوطني، تعاملاً يسعي لتطوير القدرة في مجالاته . وتطويعه لإرادتنا ومقاصدنا وإنشاء المؤسسات المتخصصة التي تُعظم الفائدة منه كما تناهض آثاره السلبية علي سلوك المجتمع وأداء الدولة . واغتنام فرصة النهضة المعلوماتية لتعظيم الوعي الشعبي . وتأسيس مجتمع المعرفة وتقوية مرجعياته التربوية وأصولها بما يضمن فاعلية الفرد في المجتمع . وتعزيز استعداده التام لمواجهة أعباء الحياة المختلفة. ولن يتحقق ذلك إلا بتحقيق جودة التعليم وتوظيفه . ومراجعة مناهجه ومحتواه وطرائقه . ووصله بالوسائط التقنية الحديثة مع التعزيز للقيم الدينية والفكرية والثقافية في مناهجه . وتطوير البحث العلمي مفتاحاً للنهضة التنموية والفكرية ووصله بقضايا التأصيل والتكامل المعرفي بين كافة المؤسسات. أصالة نجابه بها الغزو الثقافي الفكري وآثاره علي مكونات مجتمعاتنا دون تحسس من التلاقح المثمر مع كل ما هو خير ونافع من الثقافة الإنسانية أو النظم والتشريعات الدولية.  وإما علي الصعيد الاقتصادي فالضرورة تقتضي مواجهة تحدي نقص الموارد البشرية بسبب الانفصال .  بتعويض الكم بالنوع من خلال بناء القدرات وتطوير فاعلية العاملين وتعظيم الإنتاجية والارتقاء بجودة التدريب والتأهيل . وكذلك مواجهة تحدي نقص الموارد المالية بالترشيد في الإنفاق . وتحقيق الاكتفاء الذاتي مما يمكن أن يكتفي منه ذاتياً . ومعالجة عجز الميزان الخارجي وآثار المقاطعة الاقتصادية والديون الباهظة. وليسبق ذلك اهتمام غير مسبوق لتحقيق ميزان العدالة الاجتماعية بالانحياز للفقراء والمحرومين . والمفاضلة بين يملك ومن لا يملك لصالح الأخير . وذلك بتعظيم جهود مكافحة الفقر المدقع (40% قد تقل بعد الانفصال) ومواجهة البطالة التي أدت إلي اتساع رقعة الفقر الحضري . ومواجهة أمراض المناطق الحارة المتوطنة. وإعانة الفقراء على إعالة أنفسهم من خلال مشروعات التمويل الصغير والأصغر . واستخدام التقانات الحديثة لتوسيع مداه وتغطيتهوبخاصة تقانة الاتصالات. فالعدل الحق ليس فض النزاعات بين الفرقاء ولكن العدل إعطاء كل ذي حقٍ حقه.
الموجهات والمؤشرات
       ولم تكتف الورقة بتعداد التحديات بل ذهبت إلي طرح موجهات ومؤشرات . لتكون أجندة للحوار الداخلي في الحزب والحوار الأوسع علي نطاق الوطن . وأهمها المرتكزات الأساس للمؤتمر الوطني التي يسعي للتداول حولها مثل مفهوم تحكيم الشريعة وتعزيز الهوية الإسلامية. ومفهوم المواطنة وحقوق الإنسان والحقوق المدنية . وقضايا بسط الحريات وصيانة الحرمات . وتعزيز التعددية وتحقيق استقلال القضاء . وتحقيق مدنية الحكم في السودان في إطار المرجعية الإسلامية . وتأصيل الحياة الخاصة والعامة . وإدارة التنوع والتعدد الثقافي والفكري . وتطوير الأطر الديمقراطية والشورية . وتحقيق العدالة الاجتماعية . وتأكيد تعزيز دور منظمات المجتمع المدني . وتطوير الحياة السياسية والحزبية . لتكون حركة وطنية ذات أهداف نهضوية . وبرامج وطنية واضحة وصدق في بناء التحول الديمقراطي الرشيد. يشمل ذلك إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بما يعزز الفيدرالية . وتقصير الظل الإداري والفاعلية المؤسسية ، مع إحكام التنسيق بين المستويات التنفيذية والتشريعية ومراجعة التشريعات لضمان التطور المستمر.



إنتهـــــــــــــــــــــــــــــــــي،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق